الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2243 - وفي رواية ابن عباس ، قال : " سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها ، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم " ( رواه أبو داود ) .

التالي السابق


2243 - ( وفي رواية ابن عباس قال : أي - صلى الله عليه وسلم - : " سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها " : قال ابن حجر لأن اللائق بالطلب لشيء يناله أن يمد كفه إلى المطلوب ، ويبسطها متضرعا ليملأها من عطائه الكثير المؤذن به رفع اليدين إليه جميعا ، أما من سأل رفع شيء وقع به من البلاء ، فالسنة أن يرفع إلى السماء ظهر كفيه اتباعا له - عليه الصلاة والسلام - ، وحكمته التفاؤل في الأول بحصول المأمول ، وفي الثاني بدفع المحذور ، وعجيب من الشارح حيث أول هذا بما يخالف كلام أئمته ، وتفصيلهم الذي ذكرته ، وسببه عدم إمعانه النظر في كلامهم اهـ .

وعند الجمهور هذه الإشارة على تقدير صحتها مخصوصة بالاستسقاء ، كقلب الرداء ، مع أنه مئول أيضا ، وفي الإشارة إلى أنه لم يقع السؤال بظهور الأصابع ، والحق أحق أن يتبع ، ولا بدع من المحقق المنصف أن يذكر الظاهر المتبادر من الدليل ، ويخرج عن دائرة التقليد الذي هو شأن العليل ، فلا يناسب نسبته ولو مع احتمال ذهوله عن مسألة فرعية نادرة إلى التجهيل . " فإذا فرغتم " : أي من الدعاء " فامسحوا " : أي : بأكفكم ( وجوهكم ) فإنها تنزل عليها آثار الرحمة فتصل بركتها إليها ، قال ابن حجر : رأيت ذلك في حديث وهو ، الإفاضة عليه مما أعطاه الله تعالى تفاؤلا بتحقق الإجابة ، وقول ابن عبد السلام : لا يسن مسح الوجه بهما ضعيف ، إذ ضعف حديث المسح لا يؤثر لما تقرر أن الضعيف حجة في الفضائل اتفاقا اهـ . وفيه أن الجزري عد في الحصن من جملة آداب الدعاء مسح وجهه بيديه بعد فراغه ، وأسنده إلى أبي داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، وابن حبان ، والحاكم في مستدركه ( رواه أبو داود ) .

أغرب ابن حجر وقال : استفيد من هذا الحديث ، والذي قبله أنه يسن رفع اليدين إلى السماء في كل دعاء وصحت به أحاديث كثيرة عنه - عليه الصلاة والسلام - من غير حصر . قال النووي : ومن ادعي حصرها فقد غلط غلطا فاحشا ، وهذه الرواية لكونها مثبتة مقدمة على رواية الشيخين الذي الأصل فيه الإيصال ، على أن المراد أنه كان لا يبالغ في رفع يديه في شيء من الدعاء إلا الاستسقاء اهـ . وفيه أبحاث : منها : أن هذا الحديث والذي قبله ليس فيه ما يدل على الرفع لا نفيا ولا إثباتا ، نعم حديث عمر الآتي صريح في المدعى ، ومنها : أن قوله في كل دعاء غير صحيح ، ومنها : أن تخطئة قائل الحصر مجازفة ظاهرة . ومنها : أن قوله : هذه الرواية إلى آخر ما ذكره على تقدير تسليم الإفادة ، كيف تقدم رواية أبي داود بتقدير صحتها على رواية الشيخين ، مخالف لقاعدة أصول المحدثين ، فالصواب أن يقال : ليس بينهما منافاة لإمكان الجمع بأن المراد بالنفي نفي المبالغة في الرفع .

[ ص: 1533 ]



الخدمات العلمية