الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3752 - وعن عدي بن عميرة رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يا أيها الناس ! من عمل منكم لنا على عمل ، فكتمنا منه مخيطا فما فوقه فهو غال ، يأتي به يوم القيامة . فقام رجل من الأنصار ، قال : يا رسول الله ! اقبل عني عملك . قال : وما ذاك ؟ قال سمعتك تقول : كذا وكذا قال : وأنا أقول ذلك ، من استعملناه على عمل ; فليأت بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذه ، وما نهي عنه انتهى " رواه مسلم ، وأبو داود ، واللفظ له .

التالي السابق


3752 - ( وعن عدي رضي الله عنه ) : بفتح فكسر فتحتية مشددة ( ابن عميرة ) : بفتح فكسر قال العسقلاني : ولا يعرف في الرجال أحد يقال له : عميرة بالضم بل كلهم بالفتح ، ووقع في النسائي الأمران كذا في شرح مسلم . قال المؤلف : هو الكندي الحضرمي ، سكن الكوفة ، ثم انتقل إلى الجزيرة وسكنها ، ومات بها ، روى عنه قيس بن أبي حاتم وغيره . ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يا أيها الناس ! من عمل ) : بضم فتشديد ميم ; أي جعل عاملا ( منكم لنا على عمل فكتمنا منه ) : أي دس عنا من حاصل عمله ( مخيطا ) : بكسر فسكون ; أي إبرة ( فما فوقه ) : أي في القلة ، أو الكثرة إلى الصغر ، أو الكبر . قال الطيبي : الفاء للتعقيب الذي يفيد الترقي ; أي فما فوق المخيط في الحقارة نحو قوله تعالى : إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ( فهو : أي العامل الكاتم ( غال ) : أي خائن ( يأتي به ) : أي بالمخيط فما فوقه ، أو بما غل به ( يوم القيامة ) : أي على عنقه تفضيحا وتشهيرا له بين العباد على رءوس الأشهاد ( فقام رجل من الأنصار ) : خوفا على نفسه من الهلاك والبوار ( قال : يا رسول الله ! اقبل : بفتح الموحدة ( عني عملك ) : أي أقلني منه ( قال : وما ذاك ؟ ) : إشارة إلى ما في الذهن : ما حملك على هذا القول ؟ ( قال : سمعتك تقول كذا وكذا ) : أي في الوعيد على العمل وهو لا يخلو عن الزلل ( قال : وأنا أقول ذلك ) : أي ما سبق من القول ( من استعملناه على عمل ; فليأت بقليله وكثيره فما أوتي منه ) : أي أعطي من ذلك العمل ( " أخذه وما نهي عنه انتهى ) ، : أي : وما منع من أخذه امتنع عنه ، وهو تأكيد لما قبله ، قال الطيبي قوله : من استعملناه إلخ . تكرير للمعنى ومزيد للبيان يعني : أنا أقول ذلك ولا أرجع عنه ، فمن استطاع أن يعمل فليعمل ، ومن لم يستطع فليترك . ( رواه مسلم ، وأبو داود ، واللفظ له ) : ولعل اختيار لفظ أبي داود لكونه أفيد في المقصود .

[ ص: 2437 ]



الخدمات العلمية