الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 413 - 415 ] قال : ( وكل عمد سقط القصاص فيه بشبهة فالدية في مال القاتل ، وكل أرش وجب بالصلح فهو في مال القاتل ) لقوله عليه الصلاة والسلام : { ولا تعقل العواقل عمدا }الحديث وهذا عمد غير أن الأول يجب في ثلاث سنين لأنه مال وجب بالقتل ابتداء ، فأشبه شبه العمد والثاني يجب حالا لأنه مال وجب بالعقد فأشبه الثمن في البيع .

                                                                                                        [ ص: 415 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 415 ] الحديث العشرون : قال عليه السلام : { لا يعقل العواقل ، عمدا ، ولا عبدا ، ولا صلحا ، ولا اعترافا }; قلت : غريب مرفوعا ; وأخرجه البيهقي عن الشعبي عن عمر ، قال : العمد ، والعبد ، والصلح ، والاعتراف لا تعقله العاقلة انتهى .

                                                                                                        قال البيهقي : وهذا منقطع ، والمحفوظ أنه من قول الشعبي ، ثم أخرجه عن الشعبي ، قال : لا تعقل العاقلة ، عمدا ، ولا عبدا ، ولا صلحا ، ولا اعترافا انتهى .

                                                                                                        ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في آخر كتابه " غريب الحديث " كذلك من قول الشعبي ، ثم قال : وقد اختلفوا في تأويل العبد ، فقال محمد بن الحسن : معناه أن يقتل العبد حرا ، فليس على عاقلة مولاه شيء من جنايته ، وإنما هي في رقبته ، واحتج كذلك محمد بن الحسن ، فقال : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ، قال : لا تعقل العاقلة ، عمدا ، ولا صلحا ، ولا اعترافا ، ولا ما جنى المملوك ، ألا ترى أنه جعل الجناية للملوك ، [ ص: 416 ]

                                                                                                        قال : وهذا قول أبي حنيفة ، وقال ابن أبي ليلى : إنما معناه أن يكون العبد يجنى عليه ، يقتله حر ، ويجرحه ، فليس على عاقلة الجاني شيء ، إنما ثمنه في ماله خاصة ، قال أبو عبيد : فذاكرت الأصمعي فيه ، فقال : القول عندي ما قال ابن أبي ليلى ، وعليه كلام العرب ، ولو كان المعنى على ما قال أبو حنيفة لكان . لا تعقل العاقلة عن عبد ، ولم يكن : ولا تعقل عبدا انتهى .

                                                                                                        وأعاده المصنف في " المعاقل " . وحديث عمر :

                                                                                                        أخرجه الدارقطني ، ثم البيهقي عن عبد الملك بن حسين أبي مالك النخعي عن عبد الله بن أبي السفر عن عامر عن عمر ، فذكره ، قال البيهقي : هذا منقطع بين الشعبي ، وعمر ; وعبد الملك بن حسين ، غير قوي ; والمحفوظ رواية أبي إدريس عن مطرف عن الشعبي من قوله ; ثم أخرجه عن الشعبي من قوله ; وقال في " التنقيح " : عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي ضعفوه ، وقال الأزدي : متروك الحديث ، وعامر الشعبي عن عمر منقطع ، قال ابن أبي حاتم : سمعت أبي : وأبا زرعة ، يقولان : الشعبي عن عمر مرسل انتهى .

                                                                                                        وأخرج الدارقطني في " سننه " والطبراني في " مسند الشاميين " عن ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن محمد بن سعيد عن رجاء بن حيوة عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تجعلوا على العاقلة من قول معترف شيئا }انتهى . والحارث بن نبهان قال ابن القطان : متروك الحديث ، قال عبد الحق في " أحكامه " : ومحمد بن سعيد هذا أظنه المصلوب ، قال ابن القطان : وأصاب في شكه انتهى كلامه




                                                                                                        الخدمات العلمية