الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 53 - 68 ] باب الحدث في الصلاة ( ومن سبقه الحدث في الصلاة انصرف ، فإن كان إماما استخلف وتوضأ وبنى ) والقياس أن يستقبل ، وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى ، لأن الحدث ينافيها ، والمشي والانحراف يفسدانها ، فأشبه الحدث العمد . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { من قاء أو رعف أو أمذى في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم }. [ ص: 69 - 70 ] وقال عليه الصلاة والسلام { إذا صلى أحدكم فقاء أو رعف فليضع يده على فمه ، وليقدم من لم يسبق بشيء }والبلوى فيما يسبق ، دون ما يتعمده ، فلا يلحق به ( والاستئناف أفضل ) تحرزا عن شبهة الخلاف ، وقيل : إن المنفرد يستقبل ، والإمام والمقتدي يبني صيانة لفضيلة الجماعة ( والمنفرد إن شاء أتم في منزله ، وإن شاء عاد إلى مكانه ، والمقتدي يعود إلى مكانه إلى أن يكون إمامه قد فرغ أو لا يكون بينهما حائل ) .

                                                                                                        ( ومن ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث استقبل الصلاة ، وإن لم يكن خرج من المسجد صلى ما بقي ) والقياس فيهما الاستقبال ، وهو رواية عن محمد رحمه الله ; لوجود الانصراف من غير عذر ، وجه الاستحسان أنه انصرف على قصد الإصلاح ، ألا ترى أنه لو تحقق ما توهمه بنى على صلاته ، فألحق قصد الإصلاح بحقيقته ما لم يختلف المكان بالخروج ، وإن كان استخلف فسدت ; لأنه عمل كثير من غير عذر ، وهذا [ ص: 71 ] بخلاف ما إذا ظن أنه افتتح الصلاة على غير وضوء فانصرف ، ثم علم أنه على وضوء ، حيث تفسد ، وإن لم يخرج ; لأن الانصراف على سبيل الرفض ; ألا ترى أنه لو تحقق ما توهمه يستقبل ، فهذا هو الحرف .

                                                                                                        ومكان الصفوف في الصحراء له حكم المسجد ; ولو تقدم قدامه فالحد هو السترة ، وإن لم تكن فمقدار الصفوف خلفه ، وإن كان منفردا فموضع سجوده من كل جانب . ( وإن جن أو نام فاحتلم أو أغمي عليه استقبل ) لأنه يندر وجود هذه العوارض ، فلم يكن في معنى ما ورد به النص ، وكذلك إذا قهقه ; لأنه بمنزلة الكلام وهو قاطع .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        باب الحدث في الصلاة

                                                                                                        الحديث السادس والستون : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { من قاء أو رعف ، في صلاته ، فلينصرف ، وليتوضأ ، وليبن على صلاته ما لم يتكلم } ، قلت : تقدم في نواقض الوضوء من رواية عائشة . والخدري . فحديث عائشة أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من أصابه قيء أو رعاف أو قلس ، أو مذي ، فلينصرف ، فليتوضأ ، ثم ليبن على صلاته ، وهو في ذلك لا يتكلم }. انتهى وأخرجه الدارقطني في " سننه " ، وقال : وأصحاب ابن جريج الحفاظ عنه يروونه عن ابن جريج عن أبيه مرسلا ، ثم أخرجه عن [ ص: 69 ] عبد الرزاق عن ابن جريج به مرسلا ، وقال : هذا هو الصحيح ، وكذلك رواه محمد بن عبد الله الأنصاري . وأبو عاصم النبيل . وعبد الوهاب بن عطاء . وغيرهم ، كما رواه عبد الرزاق ، وقد تابع إسماعيل بن عياش سليمان بن أرقم ، ثم أخرجه عن سليمان بن أرقم عن ابن جريج به ، مسندا ، قال : وسليمان بن أرقم ضعيف ، وقد رواه إسماعيل بن عياش عن غير ابن جريج مسندا أيضا ، ثم أخرجه عن إسماعيل بن عياش عن عباد بن كثير عن عطاء بن عجلان عن ابن أبي مليكة عن عائشة مثله ، قال : وعباد بن كثير وعطاء بن عجلان ضعيفان . انتهى .

                                                                                                        وأما حديث الخدري ، فتقدم الكلام عليه . { حديث آخر } : أخرجه : الدارقطني عن عمر بن رياح ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رعف في صلاته توضأ ، ثم بنى على ما بقي من صلاته ، }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : وعمر بن رياح متروك . انتهى . وقال ابن عدي : عمر بن رياح ، هو عمر بن أبي عمر العبدي مولى ابن طاوس ، يحدث عن ابن طاوس بالأباطيل لا يتابع عليها ، وأسند إلى البخاري ، وإلى عمرو بن علي الفلاس ، أنهما قالا فيه : دجال ، وأخرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " نحو هذا الحديث موقوفا على عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبي بكر الصديق وسلمان وابن عمر وابن مسعود ، ومن التابعين : عن علقمة وطاوس وسالم بن عبد الله وسعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم النخعي وعطاء ومكحول وسعيد بن المسيب .

                                                                                                        أحاديث الخصوم : أخرج أبو داود في " الطهارة " والترمذي في " الرضاع " والنسائي في " عشرة النساء " عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا فسا أحدكم في الصلاة ، فلينصرف ، فليتوضأ ، وليعد صلاته }. انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثامن والسبعين ، من القسم الأول ، قال الترمذي حديث حسن وسمعت محمدا يقول : لا أعرف لعلي بن طلق غير هذا [ ص: 70 ] الحديث . انتهى .

                                                                                                        قال ابن القطان في " كتابه " : وهذا حديث لا يصح ، فإن مسلم بن سلام الحنفي أبا عبد الملك مجهول الحال . انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى الطبراني في " معجمه " حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا محمد بن مسلمة عن ابن أرقم عن عطاء عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا رعف أحدكم في صلاته ، فلينصرف فليغسل عنه الدم ، ثم ليعد وضوءه ، وليستقبل صلاته }. انتهى .

                                                                                                        وكذلك أخرجه الدارقطني حدثنا محمد بن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ثنا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا محمد بن سلمة به ، وأخرجه ابن عدي في " الكامل " عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن ابن عباس مرفوعا ، نحوه ، وضعف سليمان بن أرقم عن أحمد وأبي داود والنسائي وابن معين ، والبخاري ، وقالوا كلهم : إنه متروك .

                                                                                                        الحديث الرابع والسبعون : قال عليه السلام : { إذا صلى أحدكم ، فقاء أو رعف [ ص: 71 ] فليضع يده على فمه ، وليقدم من لم يسبق بشيء } ، قلت : غريب ، وأخرج أبو داود وابن ماجه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا صلى أحدكم ، فأحدث ، فليأخذ بأنفه ، ثم لينصرف }. انتهى .

                                                                                                        وأخرج الدارقطني في " سننه " عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي موقوفا : إذا أم القوم فوجد في بطنه رزءا ، أو رعافا أو قيئا ، فليضع ثوبه على أنفه ، وليأخذ بيد رجل من القوم ، فليقدمه [ ص: 72 ] انتهى . وهو ضعيف .




                                                                                                        الخدمات العلمية