( 14 ) - باب
nindex.php?page=treesubj&link=28858_29274المبعث وبدء الوحي
هذا من باب ما قاله أرباب الهداية : من أن النهاية هي الرجوع إلى البداية ، فنقول : الباب أصله البوب قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، ويجمع على أبواب ، وقد قالوا : أبوبة ذكره
العيني ، والمراد هنا نوع من الكلام المشتمل عليه جنس الكتاب المجموع لأفراد الأنواع ، كما بينته في تعليقي لأول باب كتاب
البخاري في بيان الإعراب بدون الإغراب ، ثم المبعث مصدر ميمي بمعنى البعث من بعث إذا أرسل ، ذكره
ابن الملك فالمراد به أنه مصدر ميمي ، والأظهر أن المقصود به معرفة زمان البعث ومكانه ، كما نبه عليه أول الحديث من الفصل الأول ، ثم البدء بموحدة مفتوحة فدال ساكنة فهمز بمعنى الابتداء ، قيل : ويروى بدو كظهور وزنا ومعنى ، وهل الأحسن الأول لأنه يجمع المعنيين ، أو الثاني لأنه أعم ؟ رأيان . قلت : إنما محله قول
البخاري : كيف كان بدء الوحي ؛ فإنه يحتمل الاحتمالين ، كما أوضحناه في محله ، وأما ما نحن فيه فلا يساعد الرسم الثاني ، فإنه يكتب بالياء هنا بخلاف ما في الصحيح ، فإنه يكتب فيه بالواو فتأمل ولا تمل .
ويؤيده ما قلنا أيضا أنه قال
العسقلاني في فتح الباري ، قال
عياض : روي البدء بالهمز وسكون الدال من الابتداء وبغير همز مع ضم الدال وتشديد الواو من الظهور . قلت : ولم أره مضبوطا في شيء من الروايات التي اتصلت بنا إلا أنه وقع في بعضها : كيف كان ابتداء الوحي ؛ فهذا يرجح الأول وهو الذي سمعناه من أفواه المشايخ ، وقد استعمل المصنف - يعني
البخاري - هذه العبارة كثيرا ، كبدء الحيض ، وبدء الأذان ، وبدء الخلق ،
nindex.php?page=treesubj&link=29565والوحي لغة الإعلام في خفاء ، وقيل : أصله التفهيم ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=68وأوحى ربك إلى النحل وشرعا هو الإعلام .
[ ص: 3726 ] بالشرع ، وقد يطلق ويراد به اسم المفعول أي : الموحى ، وهو كلام الله المفعول على نبي من أنبيائه . وقال شارح : البعث مصدر بمعنى الإرسال ، والبدء الابتداء ، والوحي هنا الرسالة ، ولعل اختياره كغيره معنى المصدر في المبعث لاشتماله على الزمان والمكان أيضا ، مع الدلالة على كيفية أصل الفعل والله أعلم .
( 14 ) - بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=28858_29274الْمَبْعَثُ وَبَدْءِ الْوَحْيِ
هَذَا مِنْ بَابِ مَا قَالَهُ أَرْبَابُ الْهِدَايَةِ : مِنْ أَنَّ النِّهَايَةَ هِيَ الرُّجُوعُ إِلَى الْبِدَايَةِ ، فَنَقُولُ : الْبَابُ أَصْلُهُ الْبَوَبُ قُلِبَتِ الْوَاوُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَبْوَابٍ ، وَقَدْ قَالُوا : أَبْوِبَةٌ ذَكَرَهُ
الْعَيْنِيُّ ، وَالْمُرَادُ هُنَا نَوْعٌ مِنَ الْكَلَامِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ جِنْسُ الْكِتَابِ الْمَجْمُوعِ لِأَفْرَادِ الْأَنْوَاعِ ، كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي تَعْلِيقِي لِأَوَّلِ بَابِ كِتَابِ
الْبُخَارِيِّ فِي بَيَانِ الْإِعْرَابِ بِدُونِ الْإِغْرَابِ ، ثُمَّ الْمَبْعَثُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى الْبَعْثِ مِنْ بَعَثَ إِذَا أَرْسَلَ ، ذَكَرَهُ
ابْنُ الْمَلَكِ فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ مَعْرِفَةُ زَمَانِ الْبَعْثِ وَمَكَانِهِ ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ أَوَّلَ الْحَدِيثِ مِنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ الْبَدْءُ بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ فَدَالٍ سَاكِنَةٍ فَهَمْزٍ بِمَعْنَى الِابْتِدَاءِ ، قِيلَ : وَيُرْوَى بُدُوٌّ كَظُهُورٍ وَزْنًا وَمَعْنًى ، وَهَلِ الْأَحْسَنُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الْمَعْنَيَيْنِ ، أَوِ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَعَمُّ ؟ رَأْيَانِ . قُلْتُ : إِنَّمَا مَحَلُّهُ قَوْلُ
الْبُخَارِيِّ : كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ ؛ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الِاحْتِمَالَيْنِ ، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي مَحَلِّهِ ، وَأَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَلَا يُسَاعِدُ الرَّسْمَ الثَّانِي ، فَإِنَّهُ يُكْتَبُ بِالْيَاءِ هُنَا بِخِلَافِ مَا فِي الصَّحِيحِ ، فَإِنَّهُ يُكْتَبُ فِيهِ بِالْوَاوِ فَتَأَمَّلْ وَلَا تَمِلْ .
وَيُؤَيِّدُهُ مَا قُلْنَا أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ
الْعَسْقَلَانِيُّ فِي فَتْحِ الْبَارِي ، قَالَ
عِيَاضٌ : رُوِيَ الْبَدْءُ بِالْهَمْزِ وَسُكُونِ الدَّالِ مِنَ الِابْتِدَاءِ وَبِغَيْرِ هَمْزٍ مَعَ ضَمِّ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ مِنَ الظُّهُورِ . قُلْتُ : وَلَمْ أَرَهُ مَضْبُوطًا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اتَّصَلَتْ بِنَا إِلَّا أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِهَا : كَيْفَ كَانَ ابْتِدَاءُ الْوَحْيِ ؛ فَهَذَا يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ وَهُوَ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَشَايِخِ ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ - يَعْنِي
الْبُخَارِيَّ - هَذِهِ الْعِبَارَةَ كَثِيرًا ، كَبَدْءِ الْحَيْضِ ، وَبَدْءِ الْأَذَانِ ، وَبَدْءِ الْخَلْقِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29565وَالْوَحْيُ لُغَةً الْإِعْلَامُ فِي خَفَاءٍ ، وَقِيلَ : أَصْلُهُ التَّفْهِيمُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=68وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ وَشَرْعًا هُوَ الْإِعْلَامُ .
[ ص: 3726 ] بِالشَّرْعِ ، وَقَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ أَيِ : الْمُوحَى ، وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ الْمَفْعُولُ عَلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ . وَقَالَ شَارِحٌ : الْبَعْثُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْإِرْسَالِ ، وَالْبَدْءُ الِابْتِدَاءُ ، وَالْوَحْيُ هُنَا الرِّسَالَةُ ، وَلَعَلَّ اخْتِيَارَهُ كَغَيْرِهِ مَعْنَى الْمَصْدَرِ فِي الْمَبْعَثِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَيْضًا ، مَعَ الدَّلَالَةِ عَلَى كَيْفِيَّةِ أَصْلِ الْفِعْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .