( سُورَةُ الرَّعْدِ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُونَ آيَةً مَكِّيَّةً وَمَدَنِيَّةً )
[ ص: 357 ] ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28984المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=3وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=4وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=5وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=6وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=7وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=8اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=9عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=10سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=11لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=13وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=14لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=15وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=17أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=18لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) .
الْعَمَدُ : اسْمُ جَمْعٍ ، وَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ جَمْعًا فَلِكَوْنِهِ يُفْهَمُ مِنْهُ مَا يُفْهَمُ مِنَ الْجَمْعِ ، وَهِيَ الْأَسَاطِينُ . قَالَ الشَّاعِرُ :
وَجَيْشُ الْجِنِّ إِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَهُمْ يَبْغُونَ تَدْمُرَ بِالصُّفَّاحِ وَالْعَمَدِ
وَالْمُفْرَدُ عِمَادٌ وَعَمَدٌ ، كَإِهَابٍ وَأَهَبٍ . وَقِيلَ : عَمُودٌ وَعَمَدٌ كَأَدِيمٍ وَأَدَمٍ ، وَقَضِيمٍ وَقَضَمٍ . وَالْعِمَادُ وَالْعَمُودُ مَا يُعْمَدُ بِهِ يُقَالُ : عَمَدْتُ الْحَائِطَ أَعْمُدُهُ عَمْدًا إِذَا أَدَعَمْتَهُ ، فَاعْتَمَدَ الْحَائِطُ عَلَى الْعِمَادِ أَيْ : امْتَسَكَ بِهَا . وَيُقَالُ : فُلَانٌ عُمْدَةُ قَوْمِهِ إِذَا كَانُوا يَعْتَمِدُونَهُ فِيمَا يُخْزِيهِمْ . وَيُجْمَعُ عِمَادٌ عَلَى عُمُدٍ بِضَمَّتَيْنِ كَشِهَابٍ وَشُهُبٍ ، وَعَمُودٍ عَلَى عُمُدٍ أَيْضًا كَرَسُولٍ وَرُسُلٍ ، وَزَبُورٍ وَزُبُرٍ هَذَا فِي الْكَثْرَةِ ، وَيُجْمَعَانِ فِي الْقِلَّةِ عَلَى أَعْمِدَةٍ .
الصِّنْوُ : الْفَرْعُ يَجْمَعُهُ ، وَآخَرُ أَصْلٌ وَاحِدٌ ، وَأَصْلُهُ الْمِثْلُ وَمِنْهُ قِيلَ : لِلْعَمِّ صِنْوٌ ، وَجَمْعُهُ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ صِنْوَانٌ بِكَسْرِ الصَّادِ كَقِنْوٍ وَقِنْوَانٍ ، وَيَضُمُّهَا فِي لُغَةِ تَمِيمٍ وَقَيْسٍ ، كَذِئْبٍ وَذُؤْبَانٍ . وَيُقَالُ : صَنْوَانٌ بِفَتْحِ الصَّادِ وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا جَمْعَ تَكْسِيرٍ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَبْنِيَتِهِ .
الْجَدِيدُ ضِدُّ الْخَلَقِ وَالْبَالِي ، وَيُقَالُ : ثَوْبٌ جَدِيدٌ ؛ أَيْ : كَمَا فُرِغَ مِنْ عَمَلِهِ ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَأَنَّهُ كَمَا قُطِعَ مِنَ النَّسْجِ .
الْمَثُلَةُ : الْعُقُوبَةُ ، وَيُجْمَعُ بِالْأَلِفِ
[ ص: 358 ] وَالتَّاءِ كَسَمُوَةٍ وَسَمَاوَاتٍ ، وَلُغَةُ الْحِجَازِ مَثْلَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الثَّاءِ ، وَلُغَةُ تَمِيمٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الثَّاءِ ، وَسُمِّيَتِ الْعُقُوبَةُ بِذَلِكَ لِمَا بَيْنَ الْعِقَابِ وَالْمُعَاقَبِ مِنَ الْمُمَاثَلَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) أَوْ لِأَنَّهَا مِنَ الْمِثَالِ بِمَعْنَى الْقِصَاصِ . يُقَالُ : أَمْثَلْتُ الرَّجُلَ مِنْ صَاحِبِهِ وَأَقْصَصْتُهُ ، أَوْ لِأَنَّهَا لِعِظَمِ نَكَالِهَا يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ .
السَّارِبُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ سَرَبَ ؛ أَيْ : تَصَرَّفَ كَيْفَ شَاءَ . قَالَ الشَّاعِرُ :
إِنِّي سَرَبْتُ وَكُنْتُ غَيْرَ سَرُوبِ وَتُقَرِّبُ الْأَحْلَامُ غَيْرَ قَرِيبِ
وَقَالَ الْآخَرُ :
وَكُلُّ أُنَاسٍ قَارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ وَنَحْنُ حَلَلْنَا قَيْدَهُ فَهُوَ سَارِبُ
أَيْ : فَهُوَ مُنْصَرِفٌ كَيْفَ شَاءَ ، لَا يَدْفَعُ عَنْ جِهَةٍ يَفْتَخِرُ بِعِزَّةِ قَوْمِهِ . الْمِحَالُ : الْقُوَّةُ وَالْإِهْلَاكُ قَالَ
الْأَعْشَى :
فَرْعُ نَبْعٍ يَهُشُّ فِي غُصْنِ الْمَجْ دِ غَزِيرُ النَّدَى شَدِيدُ الْمِحَالِ
وَقَالَ
عَبْدُ الْمُطَلِّبِ :
لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ وَمِحَالُهُمْ أَبَدًا مِحَالَكَ
وَيُقَالُ : مَحَلَ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ مَكَرَ بِهِ وَأَخَذَهُ بِسِعَايَةٍ شَدِيدَةٍ ، وَالْمُمَاحَلَةُ الْمُكَايَدَةُ وَالْمُمَاكَرَةُ وَمِنْهُ : تَمَحَّلَ لِكَذَا أَيْ : تَكَلَّفَ اسْتِعْمَالَ الْحِيلَةِ وَاجْتَهَدَ فِيهِ . وَقَالَ
أَبُو زَيْدٍ : الْمِحَالُ النِّقْمَةُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ : الْمِحَالُ الْجِدَالُ مَا حَلَّ عَنْ أَمْرِهِ ؛ أَيْ : جَادَلَ . وَقَالَ
الْقُتَبِيُّ : أَيْ شَدِيدُ الْكَيْدِ ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْحِيلَةِ ، جَعَلَ مِيمَهُ كَمِيمِ مَكَانٍ وَأَصْلُهُ مِنَ الْكَوْنِ ، ثُمَّ يُقَالُ : تَمَكَّنْتُ ، وَغَلَّطَهُ
الْأَزْهَرِيُّ فِي زِيَادَةِ الْمِيمِ قَالَ : وَلَوْ كَانَ مِفْعَلًا لَظَهَرَ مِنَ الْوَاوِ مِثْلَ مِرْوَدٍ وَمِحْوَلٍ وَمِحْوَرٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ مِثَالٌ كَمِهَادٍ وَمِرَاسٍ .
الْكَفُّ : عُضْوٌ مَعْرُوفٌ ، وَجَمْعُهُ فِي الْقِلَّةِ أَكُفٌّ كَصَكٍّ وَأَصُكٍّ ، وَفِي الْكَثْرَةِ كُفُوفٌ كَصُكُوكٍ ، وَأَصْلُهُ مَصْدَرُ كَفَّ .
ظِلُّ الشَّيْءِ مَا يَظْهَرُ مِنْ خَيَالِهِ فِي النُّورِ ، وَبِمِثْلِهِ فِي الضَّوْءِ .
الزَّبَدُ : قَالَ
أَبُو الْحَجَّاجِ الْأَعْلَمُ هُوَ مَا يَطْرَحُهُ الْوَادِي إِذَا جَاشَ مَاؤُهُ وَاضْطَرَبَتْ أَمْوَاجُهُ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : هُوَ مَا يَحْمِلُهُ السَّيْلُ مِنْ غُثَاءٍ وَنَحْوِهِ ، وَمَا يَرْمِي بِهِ عَلَى ضَفَّتَيْهِ مِنَ الْحُبَابِ الْمُلْتَبِكِ . وَقَالَ
ابْنُ عِيسَى : الزَّبَدُ وَضَرُ الْغَلَيَانِ وَخُبْثُهُ . قَالَ الشَّاعِرُ :
فَمَا الْفُرَاتُ إِذَا هَبَّ الرِّيَاحُ لَهُ تَرْمِي غَوَارِبُهُ الْعِبْرَيْنِ بِالزَّبَدِ
الْجُفَاءُ : اسْمٌ لَمَا يَجْفَاهُ السَّيْلُ ؛ أَيْ : يَرْمِي ، يُقَالُ : جَفَأَتِ الْقِدْرُ بِزَبَدِهَا ، وَجَفَّ السَّيْلُ بِزَبَدَهِ ، وَأَجْفَأَ وَأَجْفَلَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : جُفَاءً أَيْ : مُتَفِرِّقًا مِنْ جَفَأْتِ الرِّيحُ الْغَيْمَ إِذَا قَطَعَتْهُ ، وَجَفَأَتِ الرَّجُلَ صَرَعَتْهُ . وَيُقَالُ : جَفَّ الْوَادِي إِذَا نَشِفَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=1المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ) هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ
الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنِ جُبَيْرٍ ، وَعَنْ
عَطَاءٍ إِلَّا قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ) وَعَنْ غَيْرِهِ إِلَّا قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=14لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ) وَمَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ
الْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَاسْتَثْنَيَا آيَتَيْنِ قَالَا : نَزَلَتَا
بِمَكَّةَ وَهُمَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ ) إِلَى
[ ص: 359 ] آخِرِهِمَا ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَّا قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، وَعَنْ
قَتَادَةَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) الْآيَةَ ، حَكَاهُ
الَمَهْدَوِيُّ . وَقِيلَ : السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ حَكَاهُ
الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعْدِ الْبَلُّوطِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17141وَمَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( تِلْكَ ) إِشَارَةٌ إِلَى آيَاتِ السُّورَةِ ، وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ السُّورَةُ ؛ أَيْ : تِلْكَ آيَاتُ السُّورَةِ الْكَامِلَةِ الْعَجِيبَةِ فِي بَابِهَا . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : مَنْ قَالَ حُرُوفُ أَوَائِلِ السُّورِ مِثَالٌ لِحُرُوفِ الْمُعْجَمِ قَالَ : الْإِشَارَةُ هُنَا بِـ ( تِلْكَ ) هِيَ إِلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ، وَيَصِحُّ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ يُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ ، وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=1المر ) عَلَى هَذَا ابْتِدَاءٌ ، وَ ( تِلْكَ ) ابْتِدَاءٌ ثَانٍ ، وَ ( آيَاتُ ) خَبَرُ الثَّانِي ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْأَوَّلِ ، انْتَهَى .
وَيَكُونُ الرَّابِطُ اسْمَ الْإِشَارَةِ وَهُوَ ( تِلْكَ ) . وَقِيلَ : الْإِشَارَةُ بِـ ( تِلْكَ ) إِلَى مَا قُصَّ عَلَيْهِ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ : تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ ، وَالَّذِي قَالَ : وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ ، هُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ
مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ ، وَالْإِشَارَةُ بِـ ( تِلْكَ ) إِلَى جَمِيعِ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلَةِ . وَيَكُونُ الْمَعْنَى : تِلْكَ الْآيَاتُ الَّتِي قَصَصْتُ عَلَيْكَ خَبَرَهَا هِيَ آيَاتُ الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلْتُهُ قَبْلَ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلْتُهُ إِلَيْكَ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : ( وَالَّذِي ) مُبْتَدَأٌ ، وَ ( الْحَقُّ ) خَبَرُهُ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=1مِنْ رَبِّكَ ) مُتَعَلِّقٌ بِـ ( أُنْزِلَ ) وَأَجَازَ
الْحَوْفِيُّ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=1مِنْ رَبِّكَ ) الْخَبَرُ ، وَ ( الْحَقُّ ) مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفٌ ، أَوْ هُوَ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ ، أَوْ كِلَاهُمَا خَبَرٌ وَاحِدٌ ، انْتَهَى . وَهُوَ إِعْرَابٌ مُتَكَلِّفٌ . وَأَجَازَ
الْحَوْفِيُّ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ( وَالَّذِي ) فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَطْفًا عَلَى آيَاتٍ ، وَأَجَازَ هُوَ
وَابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ يَكُونَ ( وَالَّذِي ) فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ . وَعَلَى هَذَيْنِ الْإِعْرَابَيْنِ يَكُونُ ( الْحَقُّ ) خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ؛ أَيْ : هُوَ الْحَقُّ ، وَيَكُونُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=1وَالَّذِي أُنْزِلَ ) مِمَّا عُطِفَ فِيهِ الْوَصْفُ عَلَى الْوَصْفِ وَهُمَا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ كَمَا تَقُولُ : جَاءَنِي الظَّرِيفُ الْعَاقِلُ وَأَنْتَ تُرِيدُ شَخْصًا وَاحِدًا ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمِ
وَأَجَازَ
الْحَوْفِيُّ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ صِفَةَ الَّذِي يَعْنِي : إِذَا جَعَلْتَ ( وَالَّذِي ) مَعْطُوفًا عَلَى آيَاتٍ .
وَأَكْثَرُ النَّاسِ قِيلَ : كُفَّارُ
مَكَّةَ لَا يُصَدِّقُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى . وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِهِ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ عَامٌّ . وَلَمَّا ذَكَرَ انْتِفَاءَ الْإِيمَانِ عَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ ، ذَكَرَ عَقِيبَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ التَّوْحِيدِ وَالْمَعَادِ وَمَا يَجْذِبُهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ فِيمَا يُفَكِّرُ فِيهِ الْعَاقِلُ وَيُشَاهِدُهُ مِنْ عَظِيمِ الْقُدْرَةِ وَبَدِيعِ الصُّنْعِ .
وَالْجَلَالَةُ : مُبْتَدَأٌ ، وَ ( الَّذِي ) : هُوَ الْخَبَرُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=3وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ ) خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ ، وَيَنْصُرُهُ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْ ذِكْرِ الْآيَاتِ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2عَمَدٍ ) بِفَتْحَتَيْنِ . وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17340وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ : بِضَمَّتَيْنِ ، وَبِغَيْرِ عَمَدٍ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ : خَالِيَةً عَنْ عَمَدٍ . وَالضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2تَرَوْنَهَا ) عَائِدٌ عَلَى السَّمَاوَاتِ ؛ أَيْ : تُشَاهِدُونَ السَّمَاوَاتِ خَالِيَةً عَنْ عَمَدٍ . وَاحْتَمَلَ هَذَا الْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2تَرَوْنَهَا ) كَلَامًا مُسْتَأْنَفًا ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً حَالِيَّةً ؛ أَيْ : رَفَعَهَا مَرْئِيَّةً لَكُمْ بِغَيْرِ عَمَدٍ . وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ ؛ لِأَنَّهُ حِينَ رَفَعَهَا لَمْ نَكُنْ مَخْلُوقِينَ . وَقِيلَ : ضَمِيرُ النَّصْبِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2تَرَوْنَهَا ) عَائِدٌ عَلَى عَمَدٍ ؛ أَيْ : بِغَيْرِ عَمَدٍ مَرْئِيَّةٍ ، فَـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2تَرَوْنَهَا ) صِفَةٌ لِلْعَمَدِ ، وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ صِفَةً لِعَمَدٍ ، قِرَاءَةُ
أُبَيٍّ : ( تَرَوْنَهُ ) فَعَادَ الضَّمِيرُ مُذَكَّرًا عَلَى لَفْظِ عَمَدٍ ، إِذْ هُوَ اسْمُ جَمْعٍ . قَالَ - أَيِ :
ابْنُ عَطِيَّةَ - : اسْمُ جَمْعِ عَمُودٍ ، وَالْبَابُ فِي جَمْعِهِ عُمُدٌ بِضَمِّ الْحُرُوفِ الثَّلَاثَةِ كَرَسُولٍ وَرُسُلٍ ، انْتَهَى . وَهُوَ وَهْمٌ ، وَصَوَابُهُ : بِضَمِّ الْحَرْفَيْنِ ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ هُوَ حَرْفُ الْإِعْرَابِ فَلَا يُعْتَبَرُ ضَمُّهُ فِي كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ . هَذَا التَّخْرِيجُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَهَا عَمَدٌ ، وَلَا تُرَى تِلْكَ الْعَمَدُ ، وَهَذَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا بِعَمَدٍ لَا تُرَى ؟ وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْعَمَدَ جَبَلُ قَافٍ الْمُحِيطُ بِالْأَرْضِ ، وَالسَّمَاءُ عَلَيْهِ كَالْقُبَّةِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ نَفْيَ الْعَمَدِ ، وَالْمَقْصُودُ نَفْيُ الرُّؤْيَةِ عَنِ الْعَمَدِ ، فَلَا عَمَدَ وَلَا رُؤْيَةَ ؛ أَيْ : لَا عَمَدَ لَهَا فَتُرَى . وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ السَّمَاوَاتِ لَا عَمَدَ لَهَا الْبَتَّةَ ، وَلَوْ كَانَ لَهَا عَمَدٌ
[ ص: 360 ] لَاحْتَاجَتْ تِلْكَ الْعَمَدُ إِلَى عَمَدٍ ، وَيَتَسَلْسَلُ الْأَمْرُ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُمْسَكَةٌ بِالْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=65وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) وَنَحْوِ هَذَا مِنَ الْآيَاتِ . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : الْعِمَادُ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ الْأَجْسَامُ وَاقِفَةٌ فِي الْحَيِّزِ الْعَالِي بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَعَمَدُهَا قُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلَهَا عِمَادٌ فِي الْحَقِيقَةِ ، إِلَّا أَنَّ تِلْكَ الْعَمَدَ إِمْسَاكُ اللَّهِ تَعَالَى وَحِفْظُهُ وَتَدْبِيرُهُ وَإِبْقَاؤُهُ إِيَّاهَا فِي الْحَيِّزِ الْعَالِي ، وَأَنْتُمْ لَا تَرَوْنَ ذَلِكَ التَّدْبِيرَ ، وَلَا تَعْرِفُونَ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ الْإِمْسَاكِ ، انْتَهَى .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : لَيْسَتْ مِنْ دُونِهَا دِعَامَةٌ تَدْعَمُهَا ، وَلَا فَوْقَهَا عَلَّاقَةٌ تُمْسِكُهَا . وَأَبْعَدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2تَرَوْنَهَا ) خَبَرٌ فِي اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ أَيْ : رُوهَا وَانْظُرُوا هَلْ لَهَا مِنْ عَمَدٍ ؟ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : ( ثُمَّ ) هُنَا لِعَطْفِ الْجُمَلِ لَا لِلتَّرْتِيبِ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِوَاءَ عَلَى الْعَرْشِ قَبْلَ رَفْعِ السَّمَاوَاتِ ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374578كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ " انْتَهَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ) أَيْ : ذَلَّلَهُمَا لِمَا يُرِيدُ مِنْهُمَا . وَقِيلَ : لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ . وَعَبَّرَ بِالْجَرَيَانِ عَنِ السَّيْرِ الَّذِي فِيهِ سُرْعَةٌ ، وَ ( كُلٌّ ) مُضَافَةٌ فِي التَّقْدِيرِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ هُوَ ضَمِيرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ؛ أَيْ : كِلَيْهِمَا يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فِي ضِمْنِ ذِكْرِهِمَا ذِكْرُ الْكَوَاكِبِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ) أَيْ : كُلُّ مَا هُوَ فِي مَعْنَى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مِنَ الْمُسَخَّرِ ، وَ ( كُلٌّ ) لَفْظَةٌ تَقْتَضِي الْإِضَافَةَ ظَاهِرَةً أَوْ مُقَدَّرَةً ، انْتَهَى . وَشَرَحَ ( كُلٌّ ) بِقَوْلِهِ أَيْ : كُلُّ مَا هُوَ فِي مَعْنَى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، مَا أَخْرَجَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ ذِكْرِ جَرَيَانِهِمَا إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى ، وَتَحْرِيرُهُ أَنْ يَقُولَ عَلَى زَعْمِهِ : إِنَّ الْكَوَاكِبَ فِي ضِمْنِ ذِكْرِهِمَا ؛ أَيْ : وَمِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهِمَا إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : مَنَازِلُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَهِيَ الْحُدُودُ الَّتِي لَا تَتَعَدَّاهَا ، قَدَّرَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَيْرًا خَاصًّا إِلَى جِهَةٍ خَاصَّةٍ بِمِقْدَارٍ خَاصٍّ مِنَ السُّرْعَةِ وَالْبُطْءِ . وَقِيلَ : الْأَجَلُ الْمُسَمَّى هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، فَعِنْدَ مَجِيئِهِ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ الْجَرَيَانُ وَالتَّسْيِيرُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=1إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) ، وَمَعْنَى تَدْبِيرُ الْأَمْرِ : إِنْفَاذُهُ وَإِبْرَامُهُ ، وَعَبَّرَ بِالتَّدْبِيرِ تَقْرِيبًا لِلْإِفْهَامِ ، إِذِ التَّدْبِيرُ إِنَّمَا هُوَ النَّظَرُ فِي إِدْبَارِ الْأُمُورِ وَعَوَاقِبِهَا وَذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ ، وَالْأَمْرُ أَمْرُ مَلَكُوتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ ، وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ مِنْ إِيجَادٍ وَإِعْدَامٍ وَإِحْيَاءٍ وَإِمَاتَةٍ وَإِنْزَالِ وَحْيٍ وَبَعْثِ رُسُلٍ وَتَكْلِيفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) يَقْضِيهِ وَحْدَهُ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2يُفَصِّلُ الْآيَاتِ ) يَجْعَلُهَا فُصُولًا مُبَيِّنَةً مُمَيِّزًا بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ . وَ ( الْآيَاتِ ) هُنَا دَلَائِلُهُ وَعَلَامَاتُهُ فِي سَمَاوَاتِهِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ ، أَوْ آيَاتُ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ ، أَوْ آيَاتُ الْقُرْآنِ ، أَقْوَالٌ .
وَقَرَأَ
النَّخَعِيُّ وَأَبُو رَزِينٍ وَأَبَانُ بْنُ ثَعْلَبٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ : ( نُدَبِّرُ الْأَمْرَ نُفَصِّلُ ) بِالنُّونِ فِيهِمَا ، وَكَذَا قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ عَنِ
الْحَسَنِ فِيهِمَا ، وَافَقَ فِي ( نُفَصِّلُ ) بِالنُّونِ الْخِفَافِ ،
وَعَبْدُ الْوَاحِدِ ، عَنْ
أَبِي عَمْرٍو ،
وَهُبَيْرَةُ عَنْ
حَفْصٍ . وَقَالَ صَاحِبُ الْلَوَامِحِ : جَاءَ عَنِ
الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشِ ( نُفَصِّلُ ) بِالنُّونِ فَقَطْ . وَقَالَ
الَمَهَدَوِيُّ : لَمْ يُخْتَلَفْ فِي ( يُدَبِّرُ ) أَوْ لَيْسَ كَمَا قَالَ إِذْ قَدْ تَقَدَّمَتْ قِرَاءَةُ
أَبَانٍ . وَنَقَلَ
الدَّانِيُّ عَنِ
الْحَسَنِ : وَالَّذِي تَقْتَضِيهِ الْفَصَاحَةُ أَنَّ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ اسْتِفْهَامُ إِخْبَارٍ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى . وَقِيلَ : ( يُدَبِّرُ ) حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي ( وَسَخَّرَ ) ، وَ ( نُفَصِّلُ ) حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي ( يُدَبِّرُ ) وَالْخِطَابُ فِي ( لَعَلَّكُمْ ) لِلْكَفَرَةِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=2تُوقِنُونَ ) بِالْجَزَاءِ أَوْ بِأَنَّ هَذَا الْمُدَبِّرَ وَالْمُفَصِّلَ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ .