الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قلت : مراده ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تارة وهو اصطلاح المتأخرين ، ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة ، إما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد وتفسيره وتبيينه حتى إنهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخا لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد ، فالنسخ عندهم وفي لسانهم هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ ، بل بأمر خارج عنه ، ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى ، وزال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة : إنما يفتي الناس أحد ثلاثة : رجل يعلم ناسخ القرآن ومنسوخه ، وأمير لا يجد بدا ، وأحمق متكلف ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : فأنا لست أحد هذين ، وأرجو أن لا أكون أحمق متكلفا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر في كتاب " جامع فضل العلم " : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن القاسم ثنا يحيى بن الربيع ثنا محمد بن حماد المصيصي ثنا إبراهيم بن واقد ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15254المطلب بن زياد قال : حدثني جعفر بن حسين إمامنا قال : رأيت nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة في النوم ، فقلت : ما فعل الله بك يا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة ؟ قال : غفر لي ، فقلت له : بالعلم ؟ فقال : ما أضر الفتيا على أهلها ، فقلت : فبم ؟ قال : بقول الناس في ما لم يعلم الله أنه مني ، قال أبو عمر : وقال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون يوما : إنا لله ، ما أشقى المفتي والحاكم ، ثم قال : ها أنا ذا يتعلم مني ما تضرب به الرقاب وتوطأ به الفروج وتؤخذ به الحقوق ، أما كنت عن هذا غنيا ، قال أبو عمر : وقال أبو عثمان الحداد : القاضي أيسر مأثما وأقرب إلى السلامة من الفقيه - يريد المفتي ; لأن الفقيه من شأنه إصدار ما يرد عليه من ساعته بما حصره من القول ، والقاضي شأنه الأناة والتثبت ومن تأنى وتثبت تهيأ له من الصواب ما لا يتهيأ لصاحب البديهة ، انتهى .
وقال غيره : المفتي أقرب إلى السلامة من القاضي ; لأنه لا يلزم بفتواه ، وإنما يخبر بها من استفتاه ، فإن شاء قبل قوله ، وإن شاء تركه وأما القاضي فإنه يلزم بقوله ، فيشترك هو والمفتي في الإخبار عن الحكم ، ويتميز القاضي بالإلزام والقضاء ; فهو من هذا الوجه خطره أشد