الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم

                                                                                                                                                                                                                                      وألف بين قلوبهم مع ما كان بينهم قبل ذلك من العصبية والضغينة والتهالك على الانتقام، بحيث لا يكاد يأتلف فيهم قلبان حتى صاروا بتوفيقه تعالى كنفس واحدة، وهذا من أبهر معجزاته - صلى الله عليه وسلم - لو أنفقت ما في الأرض جميعا أي: لتأليف ما بينهم ما ألفت بين قلوبهم استئناف مقرر لما قبله، ومبين لعزة المطلب وصعوبة المأخذ، أي: تناهى التعادي فيما بينهم إلى حد لو أنفق منفق في إصلاح ذات البين جميع ما في الأرض من الأموال والذخائر لم يقدر على التأليف والإصلاح، وذكر القلوب للإشعار بأن التأليف بينها لا يتسنى، وإن أمكن التأليف ظاهرا.

                                                                                                                                                                                                                                      ولكن الله ألف بينهم قلبا وقالبا بقدرته الباهرة إنه عزيز كامل القدرة والغلبة، لا يستعصي عليه شيء مما يريده حكيم يعلم كيفية تسخير ما يريده.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الآية في الأوس والخزرج كان بينهم إحن لا أمد لها، ووقائع أفنت ساداتهم وأعاظمهم، ودقت أعناقهم وجماجمهم فأنسى الله - عز وجل - جميع ذلك، وألف بينهم بالإسلام حتى تصافوا وأصبحوا يرمون عن قوس واحدة وصاروا أنصارا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية