الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فإن كان هذا القتيل الذي قتله المؤمن خطأ من قوم عدو لكم يعني : من عداد قوم أعداء لكم في الدين مشركين قد نابذوكم الحرب على خلافكم على الإسلام وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة يقول : فإذا قتل المسلم خطأ رجلا من عداد المشركين ، والمقتول مؤمن ، والقاتل يحسب أنه على كفره ، فعليه تحرير رقبة مؤمنة .

واختلف أهل التأويل في معنى ذلك .

فقال بعضهم : معناه : وإن كان المقتول من قوم هم عدو لكم وهو مؤمن ، أي بين أظهرهم لم يهاجر فقتله مؤمن ، فلا دية عليه ، وعليه تحرير رقبة مؤمنة .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 39 ]

10106 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، عن سماك ، عن عكرمة والمغيرة ، عن إبراهيم في قوله : " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن " ، قال : هو الرجل يسلم في دار الحرب فيقتل . قال : ليس فيه دية ، وفيه الكفارة .

10107 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة في قوله : " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن " ، قال : يعني المقتول يكون مؤمنا وقومه كفار . قال : فليس له دية ، ولكن تحرير رقبة مؤمنة .

10108 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو غسان قال : حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن " ، قال : يكون الرجل مؤمنا وقومه كفار ، فلا دية له ، ولكن تحرير رقبة مؤمنة .

10109 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن " في دار الكفر ، يقول : " فتحرير رقبة مؤمنة " ، وليس له دية .

10110 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة " ، ولا دية لأهله ، من أجل أنهم كفار ، وليس بينهم وبين الله عهد ولا ذمة .

10111 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد قال : أخبرنا عطاء بن السائب ، عن ابن عباس أنه قال في قول الله : " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن " إلى آخر الآية ، قال : كان الرجل يسلم ثم يأتي قومه فيقيم فيهم وهم مشركون ، فيمر بهم الجيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقتل فيمن يقتل ، فيعتق قاتله رقبة ، ولا دية له . [ ص: 40 ]

10112 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم : " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة " ، قال : هذا إذا كان الرجل المسلم من قوم عدو لكم ، أي : ليس لهم عهد - يقتل خطأ ، فإن على من قتله تحرير رقبة مؤمنة .

10113 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن " ، فإن كان في أهل الحرب وهو مؤمن ، فقتله خطأ ، فعلى قاتله أن يكفر بتحرير رقبة مؤمنة ، أو صيام شهرين متتابعين ، ولا دية عليه .

10114 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن " ، القتيل مسلم وقومه كفار ، فتحرير رقبة مؤمنة ، ولا يؤدي إليهم الدية فيتقوون بها عليكم .

وقال آخرون : بل عنى به الرجل من أهل الحرب يقدم دار الإسلام فيسلم ، ثم يرجع إلى دار الحرب ، فإذا مر بهم الجيش من أهل الإسلام هرب قومه ، وأقام ذلك المسلم منهم فيها ، فقتله المسلمون وهم يحسبونه كافرا .

ذكر من قال ذلك :

10115 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة " ، فهو المؤمن يكون في العدو من المشركين ، يسمعون بالسرية من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فيفرون ويثبت المؤمن ، فيقتل ، ففيه تحرير رقبة مؤمنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية