الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1845 ) فصل : وينبغي أن يبعث الإمام ساعيه إذا بدا صلاح الثمار ، ليخرصها ، ويعرف قدر الزكاة ويعرف المالك ذلك . وممن كان يرى الخرص عمر بن الخطاب ، وسهل بن أبي حثمة ، ومروان ، والقاسم بن محمد ، والحسن ، وعطاء ، والزهري ، وعمرو بن دينار ، وعبد الكريم بن أبي المخارق ، ومالك ، والشافعي ، وأبو عبيد وأبو ثور ، وأكثر أهل العلم . وحكي عن الشعبي أن الخرص بدعة .

                                                                                                                                            وقال أهل الرأي : الخرص ظن وتخمين ، لا يلزم به حكم ، وإنما كان الخرص تخويفا للأكرة لئلا يخونوا ، فأما أن يلزم به حكم ، فلا . ولنا ، ما روى الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عتاب بن أسيد ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم } . رواه أبو داود ، وابن ماجه ، والترمذي . وفي لفظ عن عتاب ، قال : { أمر رسول الله [ ص: 302 ] صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب ، كما يخرص النخل ، وتؤخذ زكاته زبيبا ، كما تؤخذ زكاة النخل تمرا } .

                                                                                                                                            وقد عمل به النبي صلى الله عليه وسلم فخرص على امرأة بوادي القرى حديقة لها ، ورواه الإمام أحمد في " مسنده " . وعمل به أبو بكر بعده والخلفاء . وقالت عائشة ، وهي تذكر شأن خيبر : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود ، فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه } . متفق عليه رواه أبو داود . وقولهم : هو ظن . قلنا : بل هو اجتهاد في معرفة قدر الثمر وإدراكه بالخرص ، الذي هو نوع من المقادير والمعايير ، فهو كتقويم المتلفات .

                                                                                                                                            ووقت الخرص حين يبدو صلاحه ، لقول عائشة رضي الله عنها يبعث عبد الله بن رواحة ، فيخرص عليهم النخل حين يطيب ، قبل أن يؤكل منه . ولأن فائدة الخرص معرفة الزكاة ، وإطلاق أرباب الثمار في التصرف فيها ، والحاجة إنما تدعو إلى ذلك حين يبدو الصلاح ، وتجب الزكاة

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية