الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : هلا قيل : يعلم السر ؛ لقوله : وأسروا النجوى ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : القول عام يشمل السر والجهر ، فكان في العلم به العلم بالسر وزيادة ، فكان آكد في بيان الاطلاع على نجواهم من أن يقول : يعلم السر ، كما أن قوله : يعلم السر ، آكد من أن يقول : يعلم سرهم ، ثم بين ذلك بأنه السميع العليم لذاته فكيف تخفى عليه خافية .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : فلم ترك هذا الآكد في سورة الفرقان في قوله : قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض [الفرقان : 6 ] ؟

                                                                                                                                                                                                [ ص: 129 ] قلت : ليس بواجب أن يجيء بالآكد في كل موضع ، ولكن يجيء بالوكيد تارة وبالآكد أخرى ، كما يجيء بالحسن في موضع وبالأحسن في غيره ليفتن الكلام افتنانا ، وتجمع الغاية وما دونها ، على أن أسلوب تلك الآية خلاف أسلوب هذه ، من قبل أنه قدم ها هنا أنهم أسروا النجوى ، فكأنه أراد أن يقول : إن ربي يعلم ما أسروه ، فوضع القول موضع ذلك للمبالغة ، وثم قصد وصف ذاته بأن أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض ، فهو كقوله علام الغيوب : عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة [سبأ : 3 ] ، وقرئ : " قال ربي " : حكاية لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهم .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية