الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : ما منعك من الرفع على البدل ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : لأن " لو" بمنزلة : "إن" في أن الكلام معه موجب ، والبدل لا يسوغ إلا في الكلام غير الموجب ؛ كقوله تعالى : ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك [هود : 81 ] ؛ وذلك لأن أعم العام يصح نفيه ولا يصح إيجابه ، والمعنى : لو كان يتولاهما ويدبر أمرهما آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما ، لفسدتا ، وفيه دلالة على أمرين :

                                                                                                                                                                                                أحدهما : وجوب أن لا يكون مدبرهما إلا واحدا .

                                                                                                                                                                                                [ ص: 137 ] والثاني : ألا يكون ذلك الواحد إلا إياه وحده ؛ لقوله : "إلا الله " .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : لم وجب الأمران ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : لعلمنا أن الرعية تفسد بتدبير الملكين لما يحدث بينهما من التغالب والتناكر والاختلاف ، وعن عبد الملك بن مروان حين قتل عمرو بن سعيد الأشدق : كان -والله أعز- علي من دم ناظري ، ولكن لا يجتمع فحلان في شول ، وهذا ظاهر ، وأما طريقة التمانع فلمتكلمين فيها تجاول وطراد ، ولأن هذه الأفعال محتاجة إلى تلك الذات المتميزة ، بتلك الصفات حتى تثبت وتستقر .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية