الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1868 ) مسألة : قال : ( وما كان عنوة أدي عنها الخراج ، وزكي ما بقي إذا كان خمسة أوسق ، وكان لمسلم ) . يعني ما فتح عنوة ووقف على المسلمين ، وضرب عليهم خراج معلوم ، فإنه يؤدي الخراج من غلته ، وينظر في باقيها ، فإن كان نصابا ففيه الزكاة إذا كان لمسلم ، وإن لم يبلغ نصابا ، أو بلغ نصابا ولم يكن لمسلم ، فلا زكاة فيه ، فإن الزكاة لا تجب على غير المسلمين . وكذلك الحكم في كل أرض خراجية .

                                                                                                                                            وهذا قول عمر بن عبد العزيز ، والزهري ، ويحيى الأنصاري ، وربيعة ، والأوزاعي ، ومالك ، والثوري ، ومغيرة ، والليث ، والحسن بن صالح ، وابن أبي ليلى ، وابن المبارك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبي عبيد . وقال أصحاب الرأي : لا عشر في الأرض الخراجية ; لقوله عليه السلام : { لا يجتمع العشر والخراج في أرض مسلم } . ولأنهما حقان سبباهما متنافيان ، فلا يجتمعان ، كزكاة السوم والتجارة ، والعشر ، وزكاة القيمة . وبيان تنافيهما أن الخراج وجب عقوبة ; لأنه جزية الأرض ، والزكاة وجبت طهرة وشكرا ، ولنا : قول الله تعالى : { ومما أخرجنا لكم من الأرض } وقول النبي صلى الله عليه وسلم { فيما سقت السماء العشر . } [ ص: 313 ] وغيره من عمومات الأخبار .

                                                                                                                                            قال ابن المبارك يقول الله تعالى : { ومما أخرجنا لكم من الأرض } . ثم قال : نترك القرآن لقول أبي حنيفة ، ولأنهما حقان يجبان لمستحقين يجوز وجوب كل واحد منهما على المسلم ، فجاز اجتماعهما كالكفارة والقيمة في الصيد الحرمي المملوك ، وحديثهم يرويه يحيى بن عنبسة ، وهو ضعيف ، عن أبي حنيفة ، ثم نحمله على الخراج الذي هو جزية .

                                                                                                                                            وقول الخرقي : " وكان لمسلم " يعني أن الزكاة لا تجب على صاحب الأرض إذا لم يكن مسلما ، وليس عليه في أرضه سوى الخراج . قال أحمد ، رحمه الله : ليس في أرض أهل الذمة صدقة ، إنما قال الله تعالى : { صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } . فأي طهرة للمشركين ، وقولهم : إن سببيهما يتنافيان . غير صحيح .

                                                                                                                                            فإن الخراج أجرة الأرض ، والعشر زكاة الزرع ، ولا يتنافيان ، كما لو استأجر أرضا فزرعها ، ولو كان الخراج عقوبة لما وجب على مسلم ، كالجزية . .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية