الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1415 [ ص: 32 ] حديث ثان لربيعة متصل مسند

مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس الزرقي ، عن رافع بن خديج : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع ، قال حنظلة : فسألت رافع بن خديج بالذهب والورق ؟ قال : أما الذهب ، والورق فلا بأس .

التالي السابق


قال أبو عمر :

اختلف الناس في كراء المزارع ، فذهبت فرقة إلى أن ذلك لا يجوز بوجه من الوجوه ، ومالوا إلى ظاهر هذا الحديث ، وما كان مثله ، قالوا : إنه قد روي عن رافع بن خديج من هذا الوجه وغيره - خلاف ما حكاه ربيعة عن حنظلة عنه من تأويله .

[ ص: 33 ] هذا ، وذكروا أن أحاديث رافع في ذلك مضطربة الألفاظ ، مختلفة المعاني ، واحتجوا بما حدثناه إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي ، قال : حدثنا محمد بن العباس الحلبي ، قال : حدثنا أبو عوانة الحسين بن محمد الحراني بحران ، قال : حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب ، عن مطر ، عن عطاء ، عن جابر قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها ، ولا يواجرها ، وحدثنا إسماعيل أيضا قال : حدثنا محمد بن العباس قال : حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله مكحول البيروتي ببيروت ، قال : حدثنا أبو عمير عيسى بن محمد بن النحاس ، قال : حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر الوراق ، عن عطاء ، عن جابر مثله ، سواء مرفوعا .

[ ص: 34 ] قالوا : فهذا جابر يروي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن كراء الأرض مطلقا ، ولم يختلف عن جابر في ذلك كما اختلف عن رافع .

وقد روي من حديث رفاعة عن رافع قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كانت له أرض فليزرعها ، أو ليزرعها أخاه أو ليدعها .

وذكر من ذهب إلى هذا المذهب من حديث رافع ما رواه ابن شهاب ، عن سالم : أن ابن عمر كان يكري أرضه ، حتى بلغه أن رافع بن خديج كان ينهى عن كراء الأرض ، فترك ابن عمر كراء الأرض .

ورواه جماعة عن ابن شهاب هكذا ، وكذلك رواه جويرية وحده عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سالم : أنه سأله عن كراء المزارع فقال سالم : أخبر رافع بن خديج عبد الله بن عمر : أن عميه ، وكانا شهدا بدرا أخبراه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع فترك عبد الله كراءها ، وكان يكريها قبل ذلك ، والذي في الموطأ مالك : عن ابن شهاب أنه قال : سألت سالم بن عبد الله عن كراء الأرض بالذهب والفضة ، فقال : لا بأس بذلك ، قال : فقلت : أرأيت الحديث الذي يذكر عن رافع بن خديج ؟ فقال : أكثر رافع بن خديج ، ولو كانت لي أرض أكريتها ، هكذا . هو في الموطأ ، عن أبي شهاب ، عن سالم قوله ، ورواه جويرية مرفوعا ، وقد روى نافع عن ابن عمر مثله .

[ ص: 35 ] ولما كان سالم يذهب إلى إجازة كراء الأرض بالذهب ، والورق ، ولم يحمل نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كراء المزارع على العموم ، اعترضه ابن شهاب بحديث رافع ، والقول بظاهره ، فقال سالم : أكثر رافع في حمله الحديث على ظاهره ، ومنعه من كرائها بالذهب والورق ; لأن المعنى عند سالم وطائفة من العلماء كان النهي عن كرائها ; لوجوه سنذكرها مفسرة ، بعد هذا إن شاء الله :

منها : أنه إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كراء الأرض ; لأنهم كانوا يكرونها ببعض ما يخرج منها .

ومنها : قول زيد بن ثابت : إنه أعلم بذلك من رافع لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه قوم قد تشاجروا وتقاتلوا في كراء المزارع ، وهذا كله يدل على أن ليس الحديث على ظاهره ، ولا عمومه ، وأنه لمعنى ما قدمنا قد اعتقده كل فريق فيه ، فلهذا قال سالم : أكثر رافع ، يعني في حمل الحديث على ظاهره - والله أعلم - أي حجر ما قد وسعه الله تعالى ، وتأول ما يضيق على الناس ، على أنه قد روي عن رافع إجازة كرائها بالذهب والورق ، وغير ذلك مما يأتي بعد ، إن شاء الله .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا أبي قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يكري أرضه في عهد أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وصدرا من إمارة معاوية حتى إذا كان في آخرها بلغه أن رافعا يحدث في ذلك بنهي [ ص: 36 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه ، وأنا معه فسأله فقال : نعم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كراء المزارع فتركها ابن عمر بعد .

قالوا : وهذا أيضا على الإطلاق والعموم ، وما رواه الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي عفير أن رافع بن خديج كان يقول : منعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نكري المحاقل .

والمحاقل : فضول يكون من الأرض .

وما رواه عبد الكريم ، عن مجاهد ، عن ابن رافع بن خديج ، عن أبيه سمعه يقول : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إجارة الأرض .

وإلى هذا ذهب طاوس اليماني فقال : لا يجوز كراء الأرض بالذهب ولا بالورق ولا بالعروض ، وبه قال أبو بكر الأصم عبد الرحمن بن كيسان فقال : لا يجوز كراء الأرض بشيء من الأشياء ، قال : لأنها إذا استؤجرت ، وحرثها المستأجر وأصلحها ، لعله أن يحرق زرعه فيردها وقد زادت ، فانتفع رب الأرض ، ولم ينتفع المستأجر ، فمن هناك لم يجز لأحد أن يستأجرها - والله أعلم - .

وقال آخرون : جائز كراء الأرض لمن شاء ، ولكنه لا يجوز كراؤها بشيء من الأشياء إلا بالذهب والورق ، وذكروا في إباحة [ ص: 37 ] كراء الأرض ما رواه عبد الرحمن بن إسحاق ، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، عن الوليد بن أبي الوليد ، عن عروة بن الزبير قال : قال زيد بن ثابت : يغفر الله لرافع بن خديج ، أنا - والله - أعلم بالحديث منه ، إنما أتاه رجلان من الأنصار قد اقتتلا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هذا شأنكم فلا تكروا المزارع فسمع قوله لا تكروا المزارع ذكره أبو داود ، عن مسدد ، عن بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، واحتجوا بحديث طارق بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن المسيب ، عن رافع بن خديج ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إنما يزرع ثلاثة : رجل له أرض فهو يزرعها ، ورجل منح [ ص: 38 ] أرضا فهو يزرع ما منح ، ورجل اكترى بذهب أو فضة .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير ، وبكر بن حماد ، قال أحمد : حدثنا الفضل بن دكين ، وقال بكر : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن طارق بن عبد الرحمن فذكره ، وذكر أبو داود ، عن مسدد مثله .

قالوا : فلا يجوز أن يتعدى ما في هذا الحديث لما فيه من البيان والتوقيف ، ولأن رافعا بذلك كان يفتي ألا ترى ما ذكره ربيعة عن حنظلة عنه .

وكان أحمد بن حنبل يقول : أحاديث رافع في كراء الأرض مضطربة ، وأحسنها حديث يعلى بن حكيم ، عن سليمان بن يسار ، عن رافع بن خديج .

[ ص: 39 ] وقال آخرون : جائز أن تكرى الأرض بكل شيء من الأشياء حاشا الطعام .

واحتجوا بما رواه يعلى بن حكيم ، عن سليمان بن يسار ، عن رافع بن خديج قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ، ولا يكريها بثلث ، ولا ربع ، ولا طعام مسمى ذكره أبو داود قال : حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال : حدثنا خالد بن الحارث قال : حدثنا شعبة عن يعلى بن حكيم ، وذكره أيضا عن محمد بن عبيد ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب قال : كتب إلي يعلى بن حكيم : إني سمعت سليمان بن يسار فذكره .

وذكر مالك عن ابن شهاب أنه سأل سالم بن عبد الله عن كراء المزارع ، فقال : لا بأس بها بالذهب والورق .

وإلى هذا ذهب مالك ، وأكثر أصحابه على ما بينا عنهم ، وعن [ ص: 40 ] غيرهم من العلماء في باب داود بن الحصين ، والحمد لله .

قالوا : فقد حجر في هذا الحديث على كراء الأرض بالطعام المعلوم ، وذكروا نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة ، وقد تأولوا في ذلك أنها استكراء الأرض بالحنطة ، وما كان في معناها ، وقد ذكرنا اختلاف العلماء في معنى المحاقلة والمخابرة وكراء الأرض في باب داود من كتابنا هذا بما يغني عن إعادته هاهنا ، وإنما ذكرنا هاهنا اختلاف الآثار في ذلك ، وجملة الأقاويل ، وبالله التوفيق .

وقال آخرون : جائز أن تكرى الأرض بالذهب ، والورق ، والطعام كله ، وسائر العروض إذا كان ذلك معلوما .

وكل ما جاز أن يكون ثمنا لشيء فجائز أن يكون أجرة في كراء الأرض ما لم يكن مجهولا ، ولا غررا .

واحتجوا بما روى الأوزاعي ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن حنظلة بن قيس الأنصاري قال : ( ( سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب ، والورق ، فقال : لا بأس بذلك إنما كان الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يواجرون بها على الماذيانات وأقبال الجداول ، فيهلك هذا ، ويسلم هذا ، ويسلم هذا ، ويهلك هذا ، ولم يكن للناس كراء إلا هذا فلذلك زجر عنه - صلى الله عليه وسلم - فأما بشيء معلوم فلا بأس به ) ) .

[ ص: 41 ] قالوا : ففي هذا الحديث إجازة كراء الأرض بكل شيء معلوم ، وإنما النهي عن ذلك بأن يجهل البدل ، ذكره أبو داود عن إبراهيم بن موسى ، عن عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، قال أبو داود : روى الليث عن ربيعة مثله ، قال : ورواية يحيى بن سعيد عن حنظلة نحوه مثله .

قال أبو عمر :

روى الثوري ، وابن عيينة ، ويزيد بن هارون ، وغيرهم ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال : أخبرني حنظلة بن قيس أنه سمع رافع بن خديج يقول : كنا أكثر الأنصار ، وأكثر أهل المدينة حقلا ، وكنا نقول للذي نخابره ، ونكري منه الأرض : لك هذه القطعة ، ولنا هذه ، فربما أخرجت هذه ، ولم تخرج هذه شيئا فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فأما بذهب أو ورق فلم ينهنا دخل حديث بعضهم في بعض . قيل لابن عيينة : إن مالكا يروي هذا الحديث ، عن ربيعة ، فقال : وما يريد بذلك ، وما [ ص: 42 ] يرجو منه ؟ يحيى بن سعيد أحفظ منه ، وقد حفظناه عنه ، ورواية الأوزاعي عن ربيعة موافقة لرواية يحيى بن سعيد ، ورواية مالك مختصرة .

ففي هذا الحديث : أن النهي إنما كان مخرجه من أجل المخابرة ، وجهل الإجارة ، وذلك أيضا بين فيما ذكر الحميدي عن ابن عيينة قال : حدثنا عمرو بن دينار قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : كنا نخابر ولا نرى بذلك بأسا حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه فتركنا ذلك من أجل قوله ، فقد بان بهذا الحديث معنى حديث ابن شهاب عن سالم عن أبيه الذي قدمنا ذكره ، وبان به أن ذلك من أجل المخابرة ، وهي كراء الأرض ببعض ما يخرج منها ، لا خلاف في ذلك ، وقد ذكرناه ، ومضى القول فيه من جهة اللغة والآثار بما فيه كفاية .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن عمرو بن دينار قال : سمعت ابن عمر يقول : كنا لا نرى بالخبر بأسا ، حتى كان عام أول ، فزعم رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه .

قالوا : والخبر : المخابرة ، وهي كراء الأرض ببعض ما [ ص: 43 ] تخرجه على سنة خيبر ، وذلك منسوخ ، وقد بان نسخه بهذا الحديث ، وما كان مثله .

واحتجوا أيضا أن حديث رافع بن خديج إنما معناه النهي عن المزارعة ، وهي كراء الأرض بالثلث والربع بما حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : حدثنا الحكم بن أبي عبد الرحمن بن أبي نعيم ، قال : سمعت أبي يقول : عن رافع بن خديج ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى عن المزارعة .

وحدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن أسيد بن ظهير قال : أتانا رافع بن خديج ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهاكم عن الحقل .

[ ص: 44 ] والحقل : المزارعة بالثلث والربع ، وهو معنى حديث ثابت بن الضحاك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى عن المزارعة .

وعللوا حديث جابر بأنه يحتمل أن يكون على الندب ، وأن مطرا الوراق قد خالفه غيره فيه ، فرواه عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله قال : كان لرجال هنا فضول أرضين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكانوا يواجرونها على النصف والثلث ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك ، فقالوا : فقد تبين بهذا أن النهي إنما خرج عن المزارعة ، والمخابرة ، وذلك كراء الأرض ببعض ما تخرجه .

وكذلك روى أبو الزبير ، عن جابر ، قال : كنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - نأخذ الأرضين بالثلث ، والربع ، وبالماذيان فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك .

[ ص: 45 ] قالوا : وأما بالطعام المعلوم فلا بأس بذلك كسائر العروض ، ولم يفرقوا بين كراء الأرض ، وكراء الدار ، وإلى هذا ذهب الشافعي - رحمه الله - .

وقال آخرون : أحاديث رافع في هذا الباب لا يثبت منها شيء يوجب أن يكون حكما لاختلاف ألفاظها واضطرابها ، وكذلك حديث جابر .

قالوا : وممكن أن يكون النهي عن ذلك على نحو ما رواه سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : كان الناس يكرون المزارع بما يكون على السواقي ، وبما ينبته الماء حول البئر ، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك .

حدثناه أبو محمد عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن [ ص: 46 ] محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ، عن سعيد بن المسيب عن سعد قال : كنا نكري الأرض بما على السواقي ، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، وأمرنا أن نكريها بذهب أو ورق . وهذا على نحو ما قاله يحيى بن سعيد عن حنظلة عن رافع في ذلك . قوله : لك هذه القطعة ، ولي هذه ، فربما أخرجت هذه ، وربما لم تخرج هذه ، ومثله ما رواه الأوزاعي عن ربيعة عن حنظلة عن رافع ، وذلك كله مجهول وغرر ، ولا يجوز أخذ العوض على مثله في الشريعة للجهل به .

قالوا : فأما الثلث والربع والجزء المعلوم فجائز ; لأن ذلك معلوم سنة ماضية في قصة خيبر ; إذ أعطاها - صلى الله عليه وسلم - اليهود على نصف ما تخرج أرضها وثمرتها .

[ ص: 47 ] وروى ابن المبارك قال : أخبرنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيبر اليهود على أن يعملوها ، ويزرعوها ، ولهم شطر ما خرج منها وروى أنس بن عياض ، ويحيى القطان ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو تمر ، ذكر ذلك كله البخاري ، وهو صحيح الأثر ، وقد تقدم القول بذكر القائلين بهذه الأقاويل ، وبمعنى اختلافهم في ذلك في باب حديث داود بن الحصين من كتابنا هذا ، وبالله التوفيق .




الخدمات العلمية