الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1511 مسألة :

                                                                                                                                                                                          ولا يحل بيع دين يكون لإنسان على غيره ، لا بنقد ، ولا بدين ، لا بعين ، ولا بعرض ، كان ببينة أو مقرا به أو لم يكن : كل ذلك باطل .

                                                                                                                                                                                          ووجه العمل في ذلك لمن أراد الحلال : أن يبتاع في ذمته ممن شاء ما شاء ، مما يجوز بيعه ، ثم إذا تم البيع بالتفرق أو التخير ، ثم يحيله بالثمن على الذي له عنده الدين ، فهذا حسن .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك : أنه بيع مجهول ، وما لا يدري عينه ، وهذا هو أكل مال بالباطل وهو قول الشافعي .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق وكيع نا زكريا بن أبي زائدة قال : سئل الشعبي عمن اشترى صكا فيه ثلاثة دنانير بثوب ؟ قال : لا يصلح ، قال وكيع : وحدثنا سفيان عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي قال : هو غرر .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك : إن كان مقرا بما عليه جاز بيعه بعرض نقدا ، فإن لم يكن مقرا لم يجز بيعه كانت عليه بينة أو لم تكن لأنه شراء خصومة .

                                                                                                                                                                                          قال علي : وهذا لا شيء ; لأنه وإن أقر اليوم فيمكن أن ينكر غدا ، فيرجع الأمر إلى البينة بإقراره ، فيحصل على شراء خصومة ولا فرق . [ ص: 488 ]

                                                                                                                                                                                          واحتج المجيزون له بما روينا من طريق عبد الرزاق نا الأسلمي أخبرني عبد الله بن أبي بكر عن عمر بن عبد العزيز { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في الدين وهو الرجل يكون له الدين على رجل فيبيعه فيكون صاحب الدين أحق به . }

                                                                                                                                                                                          قال عبد الرزاق : وحدثنا معمر عن رجل من قريش أن عمر بن عبد العزيز قضى في مكاتب اشترى ما عليه بعرض فجعل المكاتب أولى بنفسه ، ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من ابتاع دينا على رجل فصاحب الدين أولى إذا أدى مثل الذي أدى صاحبه }

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريج نا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عمن له دين فابتاع به غلاما ؟ قال : لا بأس به .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : حديثا عمر بن عبد العزيز مرسلان : أحدهما : عن الأسلمي وهو إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك متهم . والآخر أيضا : عمن لم يسم ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          وهذا مما ترك فيه الشافعيون صاحبا لا يعرف له مخالف منهم .

                                                                                                                                                                                          ولا حجة للمالكيين في هذين الخبرين ، ولا في خبر جابر ; لأنه ليس في شيء منها : أنه كان بإقرار دون بينة فهم مخالفون لعموم الخبر وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية