[ ص: 182 ] nindex.php?page=treesubj&link=28993_1886_1900_19611_31753_31757_32445_33133_34083_34092nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء
سميت مطاوعتها له فيما يحدث فيها من أفعاله ويجريها عليه من تدبيره وتسخيره لها : سجودا له ؛ تشبيها لمطاوعتها بإدخال أفعال المكلف في باب الطاعة والانقياد ، وهو السجود الذي كل خضوع دونه .
فإن قلت : فما تصنع بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18وكثير من الناس ، وبما فيه من الاعتراضين : أحدهما : أن السجود على المعنى الذي فسرته به ، لا يسجده بعض الناس دون بعض ، والثاني : أن السجود قد أسند على سبيل العموم إلى من في الأرض من الإنس والجن أولا ، فإسناده إلى كثير منهم آخرا مناقضة ؟
قلت : لا أنظم كثيرا في المفردات المتناسقة الداخلة تحت حكم الفعل ؛ وإنما أرفعه بفعل مضمر يدل عليه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18 "يسجد" أي : ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة وعبادة ، ولم أقل : أفسر يسجد الذي هو ظاهر بمعنى : الطاعة والعبادة في حق هؤلاء ؛ لأن اللفظ الواحد لا يصح استعماله في حالة واحدة على معنيين مختلفين ، أو أرفعه على الابتداء والخبر محذوف وهو مثاب ؛ لأن خبر مقابله يدل عليه ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18حق عليه العذاب ، ويجوز أن يجعل
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18من الناس : خبرا له ، أي : من الناس الذين هم الناس على الحقيقة وهم الصالحون والمتقون ، ويجوز أن يبالغ في تكثير المحقوقين بالعذاب ، فيعطف كثير على كثير ، ثم يخبر عنهم بحق عليهم العذاب ، كأنه قيل : وكثير وكثير من الناس حق عليهم العذاب ، وقرئ : "حق " : بالضم ، وقرئ : "حقا " ، أي : حق عليهم العذاب حقا ، ومن أهانه الله -بأن كتب عليه الشقاوة لما سبق في علمه من كفره أو فسقه- فقد بقي مهانا ، لن تجد له مكرما ، وقرئ : "مكرم " ، بفتح الراء ، بمعنى : الإكرام ، إنه
[ ص: 183 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18يفعل ما يشاء من الإكرام والإهانة ؛ ولا يشاء من ذلك إلا ما يقتضيه عمل العاملين واعتقاد المعتقدين .
[ ص: 182 ] nindex.php?page=treesubj&link=28993_1886_1900_19611_31753_31757_32445_33133_34083_34092nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرض وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مَنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهَ فَمَا لَهُ مَنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ
سُمِّيَتْ مُطَاوَعَتُهَا لَهُ فِيمَا يُحْدِثُ فِيهَا مِنْ أَفْعَالِهِ وَيُجْرِيهَا عَلَيْهِ مِنْ تَدْبِيرِهِ وَتَسْخِيرِهِ لَهَا : سُجُودًا لَهُ ؛ تَشْبِيهًا لِمُطَاوَعَتِهَا بِإِدْخَالِ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِ فِي بَابِ الطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ ، وَهُوَ السُّجُودُ الَّذِي كَلُّ خُضُوعٍ دُونَهُ .
فَإِنْ قُلْتَ : فَمَا تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، وَبِمَا فِيهِ مِنَ الِاعْتِرَاضَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرَتْهُ بِهِ ، لَا يَسْجُدُهُ بَعْضُ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ ، وَالثَّانِي : أَنَّ السُّجُودَ قَدْ أُسْنِدَ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ إِلَى مَنْ فِي الأرض مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ أَوَّلًا ، فَإِسْنَادُهُ إِلَى كَثِيرٍ مِنْهُمْ آخِرًا مُنَاقَضَةٌ ؟
قُلْتُ : لَا أَنْظِمُ كَثِيرًا فِي الْمُفْرَدَاتِ الْمُتَنَاسِقَةِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ حُكْمِ الْفِعْلِ ؛ وَإِنَّمَا أَرْفَعُهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18 "يَسْجُدُ" أَيْ : وَيَسْجُدُ لَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ سُجُودَ طَاعَةٍ وَعِبَادَةٍ ، وَلَمْ أَقُلْ : أُفَسِّرُ يَسْجُدُ الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ بِمَعْنَى : الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ لَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُهُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، أَوْ أَرْفَعُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ مُثَابٌ ؛ لِأَنَّ خَبَرَ مُقَابِلِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18مِنَ النَّاسِ : خَبَرًا لَهُ ، أَيْ : مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ هُمُ النَّاسُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَهُمُ الصَّالِحُونَ وَالْمُتَّقُونَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُبَالَغَ فِي تَكْثِيرِ الْمَحْقُوقِينَ بِالْعَذَابِ ، فَيُعْطَفُ كَثِيرٌ عَلَى كَثِيرٍ ، ثُمَّ يُخْبَرُ عَنْهُمْ بِحُقَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : وَكَثِيرٌ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ حُقَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ ، وَقُرِئَ : "حُقَّ " : بِالضَّمِّ ، وَقُرِئَ : "حَقًّا " ، أَيْ : حُقَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ حَقًّا ، وَمَنْ أَهَانَهُ اللَّهُ -بِأَنْ كَتَبَ عَلَيْهِ الشَّقَاوَةَ لِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ مِنْ كُفْرِهِ أَوْ فِسْقِهِ- فَقَدْ بَقِيَ مُهَانًا ، لَنْ تَجِدَ لَهُ مُكْرِمًا ، وَقُرِئَ : "مُكْرَمٌ " ، بِفَتْحِ الرَّاءِ ، بِمَعْنَى : الْإِكْرَامِ ، إِنَّهُ
[ ص: 183 ] nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=18يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ مِنَ الْإِكْرَامِ وَالْإِهَانَةِ ؛ وَلَا يَشَاءُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا يَقْتَضِيهِ عَمَلُ الْعَامِلِينَ وَاعْتِقَادُ الْمُعْتَقِدِينَ .