الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون

                                                                                                                                                                                                يؤتون ما آتوا : يعطون ما أعطوا ، وفي قراءة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعائشة : "يأتون ما أتوا " ، أي : يفعلون ما فعلوا ، وعنها أنها قالت : قلت يا رسول الله ، هو الذي يزني ويسرق ويشرب الخمر وهو على ذلك يخاف الله ؟ قال : "لا يا ابنة الصديق ، ولكن هو الذي يصلي ويصوم ويتصدق ، وهو على ذلك يخاف الله ألا يقبل منه ، يسارعون في الخيرات : يحتمل معنيين :

                                                                                                                                                                                                [ ص: 237 ] أحدهما : أن يراد يرغبون في الطاعات أشد الرغبة فيبادرونها .

                                                                                                                                                                                                والثاني : أنهم يتعجلون في الدنيا المنافع ووجوه الإكرام ؛ كما قال : فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة [آل عمران : 148 ] ، وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين [العنكبوت : 27 ] ؛ لأنهم إذا سورع بها لهم ، فقد سارعوا في نيلها وتعجلوها ، وهذا الوجه أحسن طباقا للآية المتقدمة ؛ لأن فيه إثبات ما نفي عن الكفار للمؤمنين ، وقرئ : "يسرعون في الخيرات" لها سابقون أي : فاعلون السبق لأجلها أو سابقون الناس لأجلها ، أو إياها سابقون ، أي : ينالونها قبل الآخرة ؛ حيث عجلت لهم في الدنيا ، ويجوز أن يكون : لها سابقون : خبرا بعد خبر . ومعنى وهم لها : كمعنى قوله [من الرجز ] :


                                                                                                                                                                                                أنت لها أحمد من بين البشر



                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية