الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 360 ] 2 - باب ما ينهى عنه من الكلام في الصلاة

                                وفيه حديثان:

                                الأول:

                                1141 1199 - ثنا ابن نمير، ثنا ابن فضيل، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو في الصلاة، فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه، فلم يرد علينا، وقال: " إن في الصلاة لشغلا ".

                                حدثنا ابن نمير، ثنا إسحاق بن منصور السلولي، ثنا هريم بن سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- نحوه.

                                التالي السابق


                                وخرجه - أيضا- في مواضع أخر، من رواية أبي عوانة ، عن الأعمش ، نحوه.

                                ورواه أيضا أبو بدر شجاع بن الوليد ، عن الأعمش ، بهذا الإسناد.

                                وإنما احتيج إلى ذكر هذه المتابعات عن الأعمش ; لأن الثوري وشعبة وزائدة وجريرا وأبا معاوية وحفص بن غياث رووه، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، لم يذكروا فيه: " علقمة "، فيصير منقطعا.

                                [ ص: 361 ] وقد رجح انقطاعه كثير من الحفاظ، منهم: أبو حاتم الرازي .

                                وقال في رواية ابن فضيل الموصولة: إنها خطأ.

                                وقال الحافظ أبو الفضل بن عمار الشهيد : الذين أرسلوه أثبت ممن وصله.

                                قال: ورواه الحكم بن عتبة أيضا، عن إبراهيم ، عن عبد الله مرسلا أيضا، إلا ما رواه أبو خالد الأحمر ، عن شعبة ، عن الحكم موصولا; فإنه وهم فيه أبو خالد . انتهى.

                                وتصرف البخاري يدل على خلاف ذلك، وأن وصله صحيح.

                                وكذلك مسلم في " صحيحه"; فإنه خرجه من طريق ابن فضيل وهريم بن سفيان موصولا، كما خرجه البخاري .

                                وله عن ابن مسعود طريق أخرى متعددة، ذكرتها مستوفاة في " شرح الترمذي ".

                                وقال البخاري في أواخر " صحيحه": وقال ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم-: " إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة ".

                                وهذا الحديث المشار إليه، خرجه الإمام أحمد والنسائي من رواية ابن عيينة ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، قال: كنا نسلم على [ ص: 362 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - فيرد علينا السلام، حتى قدمنا من أرض الحبشة ، فسلمت عليه، فلم يرد علي، فأخذني ما قرب وما بعد، فجلست حتى إذا قضى الصلاة قال: " إن الله يحدث " فذكره.

                                ورواه الحميدي وغيره من أصحاب سفيان ، عنه، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود .

                                وزعم الطبراني : أنه المحفوظ.

                                قلت: عاصم، هو: ابن أبي النجود ، كان يضطرب في حديث زر وأبي وائل ، فروى الحديث تارة عن زر ، وتارة عن أبي وائل .

                                قال الطبراني : ورواه عبد الغفار بن داود الحراني ، عن ابن عيينة ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله .

                                قال: فإن كان حفظه فهو غريب.

                                قلت: ليس هو بمحفوظ، إنما المحفوظ رواية: سفيان ، عن عاصم ، كما تقدم.

                                وخرج النسائي - أيضا- من طريق سفيان ، عن الزبير بن عدي ، عن كلثوم ، عن ابن مسعود ، قال: كنت آتي النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي، فأسلم عليه، فيرد علي، فأتيته، فسلمت عليه وهو يصلي، فلم يرد علي، فلما سلم أشار إلى القوم، فقال: " إن الله عز وجل - يعني- أحدث في الصلاة أن لا تكلموا إلا بذكر الله، وما ينبغي لكم، وأن تقوموا لله قانتين".

                                وكلثوم، هو: ابن المصطلق الخزاعي ، يقال: له صحبة، وذكره ابن [ ص: 363 ] حبان في " كتابه" من التابعين.

                                وقوله: " إن الله أحدث أن لا تكلموا في الصلاة" إشارة إلى أنه شرع ذلك بعد أن لم يكن شرعه، ومنعه بعد أن لم يكن قد منعه.



                                الخدمات العلمية