الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون

                                                                                                                                                                                                                                      وإذ قال ربك نصب بإضمار اذكر، وتذكير الوقت لما مر مرارا من أنه أدخل في تذكير ما وقع فيه من الحوادث، وفي التعرض لوصف الربوبية المنبئة عن تبليغ الشيء إلى كماله اللائق به شيئا فشيئا مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام إشعار بعلة الحكم، وتشريف له عليه الصلاة والسلام، أي: اذكر وقت قوله تعالى: للملائكة إني خالق فيما سيأتي، وفيه ما ليس في صيغة المضارع من الدلالة على أنه تعالى فاعل له البتة من غير صارف يثنيه، ولا عاطف يلويه. بشرا أي: إنسانا. قيل: ليس هذا عين العبارة الجارية وقت الخطاب، بل الظاهر أن يكون قد قيل لهم: إني خالق خلقا من صفته كيت وكيت، ولكن اقتصر عند الحكاية على الاسم. وقيل: جسما كثيفا يلاقى، ويباشر. وقيل: خلقا بادي البشر بلا صوف ولا شعرة. من صلصال متعلق بـ "خالق"، أو بمحذوف وقع صفة لمفعوله، أي: بشرا كائنا من صلصال كائن من حمإ مسنون تقدم تفسيره. ولا ينافي هذا ما في قوله تعالى في سورة ص من قوله: بشرا من طين فإن عدم التعرض عند الحكاية لوصف الطين من التغير والاسوداد، ولما ورد عليه من آثار التكوين لا يستلزم عدم التعرض لذلك عند وقوع المحكي غايته أنه لم يتعرض له هناك اكتفاء بما شرح ههنا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية