الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1205 [ ص: 468 ] 18 - باب: الثياب البيض للكفن

                                                                                                                                                                                                                              1264 - حدثنا محمد بن مقاتل ، أخبرنا عبد الله [بن المبارك ] ، أخبرنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية من كرسف ، ليس فيهن قميص ولا عمامة . [1271 ، 1272 ، 1273 ، 1387 - مسلم : 941 - فتح: 3 \ 135]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عائشة رضي الله عنها : أنه - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية من كرسف ، ليس فيهن قميص ولا عمامة .

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه مسلم والأربعة ، وترجم له البخاري أيضا : الكفن بغير قميص ، والكفن بغير عمامة ، وهو أصح الروايات في كفنه ، والحلة اشتريت ليكفن فيها فلم يكفن فيها ، كما أخرجه مسلم .

                                                                                                                                                                                                                              ولأبي داود : كفن في ثوبين وبردة حبرة . قالت عائشة : أتوا بالبرد ولكنهم ردوه ولم يكفنوه فيه .

                                                                                                                                                                                                                              وفي الترمذي : كفن في ثلاثة أثواب : حلة نجرانية وقميصه الذي مات فيه .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 469 ] وفي ابن ماجه : في ثلاث رياط بيض سحولية .

                                                                                                                                                                                                                              ولابن سعد عن الشعبي : برد يمانية غلاظ : إزار ورداء ولفافة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى علي : في سبعة ، ولا يصح .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 470 ] وللبزار : ثلاثة سحولية وقميصه وعمامته وسراويله والقطيفة التي جعلت تحته .

                                                                                                                                                                                                                              ويمانية بتخفيف الياء على الفصيح ، وسحولية بفتح السين على الأكثر أي بيض ، وقال الأزهري : بالفتح مدينة وبالضم الثياب ، وحكى ابن الأثير الضم في القرية .

                                                                                                                                                                                                                              والكرسف : القطن . والتكفين واجب بالإجماع ، وأبعد من قال : إنه سنة . ومحله أصل التركة ويقدم عليه ما تعلق بالعين كالجاني والمرهون وغيرهما . وانفرد خلاس بن عمر ، فقال : إنه من ثلث التركة ، وقال طاوس : إن كان المال قليلا فمن الثلث وإلا فمن رأس المال ، فإن كفن في واحد فهو الواجب . قال أبو حنيفة : ويكون مسيئا والأفضل ثلاثة : وأجمعوا- كما قال أبو عمر أنه لا يكفن في ثوب يصف ما تحته .

                                                                                                                                                                                                                              وروي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - زر قميصه الذي كفن فيه . قال ابن سيرين : وأنا زررت على أبي هريرة . قال ابن عون : وأنا زررت على ابن سيرين . قال حماد : وأنا زررت على ابن عون .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 471 ] وقوله : (ليس فيها قميص ولا عمامة ) . حمله الشافعي والجمهور على أنه ليس في الكفن موجود فلا يستحب ذلك وهو تأويل البخاري فإنه ترجم عليه كما سيأتي : الكفن بغير قميص ، والكفن بغير عمامة .

                                                                                                                                                                                                                              وحمله مالك وأبو حنيفة على أنه ليس معدودا بل يحتمل أن يكون ثلاثة أثواب زيادة عليها ولا يكره عندنا التكفين فيهما على الأصح ، وهما مباحان عند المالكية وكان جابر وعطاء لا يعممان الميت ، وقال بهما ابن عمر . وأبعد بعضهم فقال المراد بقولها : ليس فيها قميص أي : جديد ، أو له دخاريص ، أو الذي غسل فيه بل نزع عنه .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه استحباب التكفين في الأبيض كما ترجم له ، وهو إجماع ، وقد أمر به - صلى الله عليه وسلم - في حديث صحيح في "جامع الترمذي " وغيره والكفن في غيره جائز ، ومن أطلق عليه الكراهية فمعناها خلاف الأولى ولو كانت [ ص: 472 ] كلها حبرة لم تكره ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يلبسها في العيدين والجمعة ، وتكره المصبغات وغيرها من ثياب الزينة .

                                                                                                                                                                                                                              وفي المعصفر قولان للمالكية : قالوا : ويكره السواد ، قالوا : ويجوز بالورس والزعفران .

                                                                                                                                                                                                                              وفي الحرير ثلاثة أقوال عندهم ، ثالثها : يجوز للنساء دون الرجال ، وكره عامة العلماء التكفين فيه مطلقا . قال ابن المنذر : ولا أحفظ خلافه .

                                                                                                                                                                                                                              فرع :

                                                                                                                                                                                                                              غسل - صلى الله عليه وسلم - في قميص ، والظاهر أنه نزع ; لئلا يصير شفعا ; ولئلا يؤدي إلى بلاء الكفن .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية