الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      لا يسمعون فيها لغوا فضول كلام لا طائل تحته بل هو جار مجرى اللغاء وهو صوت العصافير ونحوها من الطير .

                                                                                                                                                                                                                                      والكلام كناية عن عدم صدور اللغو عن أهلها ، وفيه تنبيه على أن اللغو مما ينبغي أن يجتنب عنه في هذه الدار ما أمكن ، وعن مجاهد تفسير اللغو بالكلام المشتمل على السب ، والمراد لا يتسابون والتعميم أولى إلا سلاما استثناء منقطع ، (والسلام) إما بمعناه المعروف أي لكن يسمعون تسليم الملائكة عليهم السلام عليهم أو تسليم بعضهم على بعض أو بمعنى الكلام السالم من العيب والنقص أي لكن يسمعون كلاما سالما من العيب والنقص ، وجوز أن يكون متصلا وهو من تأكيد المدح بما يشبه الذم كما في قوله :


                                                                                                                                                                                                                                      ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب



                                                                                                                                                                                                                                      وهو يفيد نفي سماع اللغو بالطريق البرهاني الأقوى . والاتصال على هذا على طريق الفرض، والتقدير ولولا ذلك لم يقع موقعه من الحسن والمبالغة ، وقيل : اتصال الاستثناء على أن معنى السلام الدعاء بالسلامة من الآفات وحيث إن أهل الجنة أغنياء عن ذلك إذ لا آفة فيها كان السلام لغوا بحسب الظاهر وإن لم يكن كذلك نظرا للمقصود منه وهو الإكرام وإظهار التحابب ، ولذا كان لائقا بأهل الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا وارد على عادة المتنعمين في هذه الدار ، أخرج ابن المنذر عن يحيى بن كثير قال : كانت العرب في زمانها إنما لها أكلة واحدة فمن أصاب أكلتين سمي: فلان الناعم فأنزل الله تعالى هذا يرغب عباده فيما عنده ، وروي نحو ذلك عن الحسن ، وقيل : المراد دوام رزقهم ودروره وإلا فليس في الجنة بكرة ولا عشي لكن جاء في بعض الآثار أن أهل الجنة يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب ، وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق أبان عن الحسن . وأبي قلابة قالا : ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل في الجنة من ليل؟ قال : وما هيجك على هذا؟ قال : سمعت الله تعالى يذكر في الكتاب ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا فقلت : الليل من البكرة والعشي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس هناك ليل وإنما هو ضوء ونور يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو وتأتيهم طرف الهدايا من الله تعالى لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا وتسلم عليهم الملائكة عليهم السلام ) .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية