الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1429 [ ص: 615 ] 67 - باب: قول الله تعالى: والعاملين عليها [التوبة: 60] ومحاسبة المصدقين مع الإمام .

                                                                                                                                                                                                                              1500 - حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا أبو أسامة، أخبرنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - قال: استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا من الأسد على صدقات بني سليم يدعى: ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه. [انظر: 925 - مسلم: 1832 - فتح: 3 \ 365]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أبي حميد الساعدي: استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا من الأزد على صدقات بني سليم يدعى: ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه.

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث سلف طرف منه في الجمعة في باب: أما بعد ، وإن البخاري كرره في مواضع .

                                                                                                                                                                                                                              وابن اللتبية بضم اللام ويقال فيه: ابن الأتبية أيضا واسمه فيما ذكره أبو منصور الباوردي في كتابه: عبد الله. وقال ابن دريد: بنو لتب بطن من الأزد اللتب: الاشتداد وهو اللصوق أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              فإذا تقرر ذلك: فالعلماء متفقون على أن العامل عليها: هم السعاة [ ص: 616 ] المتولون لقبض الصدقة، وأنهم لا يستحقون على قبضها جزاء منها معلوما سبعا أو ثمنا، وإنما له أجرة عمله على حسب اجتهاد الإمام.

                                                                                                                                                                                                                              ودلت الآية على أن لمن شغل بشيء من أعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله ذلك كالولاة والقضاة وشبههم، وسيأتي قول من كره ذلك من السلف في باب: رزق الحكام إن شاء الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه من الفقه: جواز محاسبة المؤتمن، وأن المحاسبة تصحح أمانته، وهو أصل فعل عمر في مقاسمة العمال، وإنما فعل ذلك لما رأى ما قالوه من كثرة الأرباح، وعلم أن ذلك من أجل سلطانهم، وسلطانهم إنما كان بالمسلمين، فرأى مقاسمة أموالهم نظرا لهم واقتداء بقوله - عليه السلام -: "أولا جلس في بيت أبيه وأمه، فيرى أيهدى له شيء أم لا؟! " .

                                                                                                                                                                                                                              ومعناه أنه لولا الإمارة لم يهد إليه شيء، وهذا اجتهاد من عمر، وإنما أخذ منهم ما أخذ لبيت مال المسلمين لا لنفسه.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أيضا: أن العالم إذا رأى متأولا أخطأ في تأويله خطأ يعم الناس ضرره، أن يعلم الناس كافة بموضع خطئه، ويعرفهم بالحجة القاطعة لتأويله، كما فعل الشارع بابن اللتبية في خطبته للناس كما أسلفناه في الجمعة. وتوبيخ المخطئ وتقديم (الأدون) إلى الإمارة والأمانة والعمل، وثم من هو أعلى منه وأفقر; لأنه - عليه السلام - قدم ابن اللتبية، وثم من صحابته من هو أفضل منه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية