الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وعنت الوجوه للحي القيوم أي ذلت وخضعت خضوع العناة أي الأسارى ، والمراد بالوجوه إما الذوات وإما الأعضاء المعلومة وتخصيصها بالذكر لأنها أشرف الأعضاء الظاهرة وآثار الذل أول ما تظهر فيها ، وأل فيها للعهد أو عوض عن المضاف إليه أي وجوه المجرمين فتكون الآية نظير قوله تعالى : سيئت وجوه الذين كفروا واختار ذلك الزمخشري وجعل قوله تعالى : وقد خاب من حمل ظلما اعتراضا ووضع الموصول موضع ضميرهم ليكون أبلغ ، وقيل : الوجوه الأشراف أي عظماء الكفرة لأن المقام مقام الهيبة ولصوق الذلة بهم أولى والظلم الشرك وجملة وقد خاب إلخ حال والرابط الواو لا معترضة لأنها [ ص: 266 ] في مقابلة وهو مؤمن فيما بعد ، انتهى . قال صاحب الكشف : الظاهر مع الزمخشري والتقابل المعنوي كاف فإن الاعتراض لا يتقاعد عن الحال. انتهى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأنت تعلم أن تفسير الظلم بالشرك مما لا يختص بتفسير الوجوه بالإشراف وجعل الجملة حالا بل يكون على الوجه الأول أيضا بناء على أن المراد بالمجرمين الكفار ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه قال في قوله تعالى : وقد خاب إلخ خسر من أشرك بالله تعالى ولم يتب ، وقال غير واحد : الظاهر أن أل للاستغراق أي خضعت واستسلمت جميع الوجوه وقوله تعالى وقد خاب إلخ يحتمل الاستئناف والحالية ، والمراد بالموصول إما المشركون وإما ما يعمهم وغيرهم من العصاة، وخيبة كل حامل بقدر ما حمل من الظلم، فخيبة المشرك دائمة، وخيبة المؤمن العاصي مقيدة بوقت العقوبة إن عوقب . وقد تقدم لك معنى- الحي القيوم- في آية الكرسي . والظاهر أن قوله تعالى

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية