الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد

                                                                                                                                                                                                قال لا تختصموا استئناف مثل قوله: قال قرينه [ق: 27] كأن قائلا قال: فماذا قال الله؟ فقيل: قال لا تختصموا. والمعنى: لا تختصموا في دار الجزاء وموقف الحساب، فلا فائدة في اختصامكم ولا طائل تحته، وقد أوعدتكم بعذابي على الطغيان في كتبي وعلى ألسنة رسلي، فما تركت لكم حجة علي، ثم قال: لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدي فأعفيكم عما أوعدتكم به وما أنا بظلام للعبيد فأعذب من ليس بمستوجب للعذاب. والباء في "بالوعيد" مزيدة مثلها في ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة أو معدية، على أن "قدم" مطاوع بمعنى "تقدم" ويجوز أن يقع الفعل على جملة قوله: ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ويكون "بالوعيد" حالا، أي: قدمت إليكم هذا ملتبسا بالوعيد مقترنا به، أو قدمته إليكم موعدا لكم به. فإن قلت: إن قوله: وقد قدمت إليكم واقع موقع الحال من لا تختصموا والتقديم بالوعيد في الدنيا والخصومة في الآخرة واجتماعها في زمان واحد واجب. قلت: معناه: ولا تختصموا وقد صح عندكم أني قدمت إليكم بالوعيد، وصحة ذلك عندهم في الآخرة، فإن قلت: كيف قال: "بظلام" على لفظ المبالغة؟ قلت: فيه [ ص: 601 ] وجهان، أحدهما: أن يكون من قولك: هو ظالم لعبده، وظلام لعبيده. والثاني: أن يراد لو عذبت من لا يستحق العذاب لكنت ظلاما مفرط الظلم. فنفى ذلك.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية