الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب الأوعية المنهي عن الانتباذ فيها ونسخ تحريم ذلك .

                                                                                                                                            3712 - ( عن عائشة { أن وفد عبد القيس قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه عن النبيذ ، فنهاهم أن ينبذوا في الدباء والنقير والمزفت والحنتم } ) .

                                                                                                                                            3713 - ( وعن ابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس : أنهاكم عما ينبذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت } ) .

                                                                                                                                            3714 - ( وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا تنبذوا في الدباء ولا المزفت } ) .

                                                                                                                                            3715 - ( وعن ابن أبي أوفى قال : { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر الأخضر } ) .

                                                                                                                                            3716 - ( وعن الإمام علي رضي الله عنه قال : { نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنبذوا في الدباء والمزفت } متفق على خمستهن ) .

                                                                                                                                            3717 - ( وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تنبذوا في الدباء ولا في المزفت } وفي رواية : أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن المزفت والحنتم والنقير ، قيل لأبي هريرة : ما الحنتم قال : الجرار الخضر } ) .

                                                                                                                                            3718 - ( وعن أبي سعيد : { أن وفد عبد القيس قالوا : يا رسول الله ماذا يصلح لنا من الأشربة ؟ قال : لا تشربوا في النقير فقالوا : جعلنا الله فداك ، أو تدري ما النقير ؟ قال : نعم ، الجذع ينقر في وسطه ، ولا في الدباء ، ولا في الحنتم ، وعليكم بالموكى } رواهن أحمد ومسلم ) .

                                                                                                                                            [ ص: 209 ] ( وعن ابن عمر وابن عباس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والحنتم والمزفت } ) .

                                                                                                                                            3720 - ( وعن أبي هريرة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس : أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير والمزادة المجبوبة ، ولكن اشرب في سقائك وأوكه } رواهما مسلم والنسائي وأبو داود ) .

                                                                                                                                            3721 - ( وعن ابن عمر وابن عباس قالا : { حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر } . رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود ) .

                                                                                                                                            3722 - ( وعن ابن عمر قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحنتمة } وهي الجرة ، ونهى عن الدباء : وهي القرعة ، ونهى عن النقير : وهي أصل النخل ينقر نقرا وينسخ نسخا ، ونهى عن المزفت : وهو المقير ، وأمر أن ينبذ في الأسقية . رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وصححه ) .

                                                                                                                                            3723 - ( وعن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا } رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي .

                                                                                                                                            وفي رواية { نهيتكم عن الظروف وإن ظرفا لا يحل شيئا ولا يحرمه ، وكل مسكر حرام } رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود ) .

                                                                                                                                            3724 - ( وعن عبد الله بن عمرو قال : { لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأوعية ، قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : ليس كل الناس يجد سقاء فرخص لهم في الجر غير المزفت } . متفق عليه ) .

                                                                                                                                            [ ص: 210 ] وعن أنس قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبيذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت ، ثم قال بعد ذلك : ألا كنت نهيتكم عن النبيذ في الأوعية فاشربوا فيما شئتم ولا تشربوا مسكرا ، من شاء أوكى سقاءه على إثم } ) .

                                                                                                                                            3726 - ( وعن عبد الله بن مغفل قال : { أنا شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهى عن نبيذ الجر ، وأنا شهدته حين رخص فيه وقال : واجتنبوا كل مسكر } رواهما أحمد ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث أنس أخرجه أيضا أبو يعلى والبزار ، وفي إسناده يحيى بن عبد الله الجابري ، ضعفه الجمهور ، وقال أحمد : لا بأس به ، وبقية رجاله ثقات . وحديث عبد الله بن مغفل رجال إسناده ثقات .

                                                                                                                                            وفي أبي جعفر الرازي كلام لا يضر ، وقد أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط في الباب عن جماعة من الصحابة غير من ذكره المصنف قوله : ( في الدباء ) بضم الدال المهملة وتشديد الباء : وهو القرع وهو من الآنية التي يسرع الشراب في الشدة إذا وضع فيها قوله : ( والنقير ) هو فعيل بمعنى مفعول من نقر ينقر ، وكانوا يأخذون أصل النخلة فينقرونه في جوفه ويجعلونه إناء ينتبذون فيه لأن له تأثيرا في شدة الشراب قوله : ( والمزفت ) اسم مفعول وهو الإناء المطلي بالزفت وهو نوع من القار قوله : ( والحنتم ) بفتح الحاء المهملة جرار خضر مدهونة كانت تحمل الخمر فيها إلى المدينة ثم اتسع فيها فقيل للخزف كله حنتم واحدها حنتمة ، وهي أيضا مما تسرع فيه الشدة قوله : ( عن نبيذ الجر ) بفتح الجيم وتشديد الراء جمع جرة كتمر جمع تمرة وهو بمعنى الجرار الواحدة جرة ويدخل فيه جميع أنواع الجرار من الحنتم وغيره .

                                                                                                                                            وروى أبو داود عن سعيد بن جبير أنه قال لابن عباس : ما الجر ؟ قال : كل شيء يصنع من المدر فهذا تصريح أن الجر يدخل فيه جميع أنواع الجرار المتخذة من المدر الذي هو التراب يقال مدرت الحوض أمدره : إذا أصلحته بالمدر وهو الطين من التراب والطين يقال مدرت قوله : ( والمقير ) بضم الميم وفتح القاف والياء المشددة وهو المزفت : أي المطلي بالزفت وهو نوع من القار كما تقدم .

                                                                                                                                            وروي عن ابن عباس أنه قال : المزفت هو المقير ، حكى ذلك ابن رسلان في شرح السنن وقال : أنه صح ذلك عنه قوله : ( والمزادة ) هي السقاء الكبير سميت بذلك لأنه يزاد فيها على الجلد الواحد كذا قال النسائي .

                                                                                                                                            والمجبوبة بالجيم بعدها موحدتان بينهما واو ، قال عياض : ضبطناه في جميع هذه الكتب بالجيم والباء الموحدة المكررة ، [ ص: 211 ] ورواه بعضهم المخنوثة بخاء معجمة ثم نون وبعدها ثاء مثلثة كأنه أخذه من اختناث الأسقية المذكورة في حديث آخر ثم قال : وهذه الرواية ليست بشيء ، والصواب الأول أنها بالجيم : وهي التي قطع رأسها فصارت كالدن مشتقة من الجب وهو القطع لكون رأسها يقطع حتى لا يبقى لها رقبة توكى . وقيل هي التي قطعت رقبتها وليس لها عزلاء : أي فم من أسفلها يتنفس الشراب منها فيصير شرابها مسكرا ولا يدرى به قوله : ( وأوكه ) بفتح الهمزة : أي وإذا فرغت من صب الماء واللبن الذي من الجلد فأوكه : أي سد رأسه بالوكاء ، يعني بالخيط لئلا يدخله حيوان أو يسقط فيه شيء قوله : ( ينسح نسحا ) بالحاء المهملة عند أكثر الشيوخ ، وفي كثير من نسخ مسلم عن ابن ماهان بالجيم ، وكذا في الترمذي وهو تصحيف ، ومعناه القشر ثم الحفر قوله : ( إلا في ظروف الأدم ) بفتح الهمزة والدال جمع أديم ، ويقال أدم بضمهما وهو القياس ككثيب وكثب وبريد وبرد ، والأديم : الجلد المدبوغ قوله : ( فاشربوا في كل وعاء ) فيه دليل على نسخ النهي عن الانتباذ في الأوعية المذكورة

                                                                                                                                            قال الخطابي : ذهب الجمهور إلى أن النهي إنما كان أولا ثم نسخ ، وذهب جماعة إلى أن النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية باق منهم ابن عمر وابن عباس ، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق كذا أطلق ، قال : والأول أصح ، والمعنى في النهي أن العهد بإباحة الخمر كان قريبا ، فلما اشتهر التحريم أبيح لهم الانتباذ في كل وعاء بشرط ترك شرب المسكر ، وكأن من ذهب إلى استمرار النهي لم يبلغه الناسخ . وقال الحازمي : لمن نصر قول مالك أن يقول ورد النهي عن الظروف كلها ثم نسخ منها ظروف الأدم والجرار غير المزفتة واستمر ما عداها على المنع ، ثم تعقب ذلك بما ورد من التصريح في حديث بريدة عند مسلم كما في حديث الباب .

                                                                                                                                            قال : وطريق الجمع أن يقال : لما وقع النهي عاما شكوا إليه الحاجة فرخص لهم في ظروف الأدم ثم شكوا إليه أن كلهم لا يجد ذلك فرخص لهم في الظروف كلها . وقال ابن بطال : النهي عن الأوعية إنما كان قطعا للذريعة فلما قالوا لا نجد بدا من الانتباذ في الأوعية قال : انتبذ وكل مسكر حرام وهكذا الحكم في كل شيء نهي عنه بمعنى النظر إلى غيره فإنه يسقط للضرورة كالنهي عن الجلوس في الطرقات ، فلما قالوا لا بد لنا منها قال : " وأعطوا الطريق حقها " .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية