الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين

                                                                                                                                                                                                                                      والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ذكره عليه الصلاة والسلام هضما لنفسه وتعليما للأمة أن يجتنبوا المعاصي ويكونوا على حذر وطلب مغفرة لما يفرط منهم وتلافيا لما عسى يندر منه عليه الصلاة والسلام من الصغائر وتنبيها لأبيه وقومه على أن يتأملوا في أمرهم فيقفوا على أنهم من سوء الحال في درجة لا يقادر قدرها ، فإن حاله عليه الصلاة والسلام مع كونه في طاعة الله تعالى وعبادته في الغاية القاصية حيث كانت بتلك المثابة ، فما ظنك بحال أولئك المغمورين في الكفر وفنون المعاصي والخطايا . وحمل الخطيئة على كلماته الثلاث : "إني سقيم" ، "بل فعله كبيرهم" ، وقوله لسارة : هي أختي مما لا سبيل إليه ، لأنها مع كونها معاريض لا من قبيل الخطايا المفتقرة إلى الاستغفار ، إنما صدرت عنه عليه الصلاة والسلام بعد هذه المقاولة الجارية بينه وبين قومه ، أما الثالثة فظاهرة لوقوعها بعد مهاجرته عليه الصلاة والسلام إلى [ ص: 250 ] الشام ، وأما الأوليان فلأنهما وقعتا مكتنفتين بكسر الأصنام ، ومن البين أن جريان هذه المقالات فيما بينهم كان في مبادئ الأمر تعليق مغفرة الخطيئة بيوم الدين مع أنها إنما تغفر في الدنيا لأن أثرها يومئذ يتبين ، ولأن في ذلك تهويلا له وإشارة إلى وقوع الجزاء فيه إن لم تغفر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية