الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين

                                                                                                                                                                                                                                      إن في ذلك أي : فيما ذكر من نبأ إبراهيم عليه السلام المشتمل على بيان بطلان ما كان عليه أهل مكة من عبادة الأصنام ، وتفصيل ما يؤول إليه أمر عبدتها يوم القيامة من اعترافهم بخطئهم الفاحش وندمهم وتحسرهم على ما فاتهم من الإيمان وتمنيهم الرجعة إلى الدنيا ليكونوا من المؤمنين عند مشاهدتهم لما أزلفت لهم جنات النعيم وبرزت لأنفسهم الجحيم وغشيهم ما غشيهم من ألوان العذاب وأنواع العقاب .

                                                                                                                                                                                                                                      لآية أي : آية عظيمة لا يقادر قدرها ، موجبة على عبدة الأصنام كافة لا سيما على أهل مكة الذين يدعون أنهم على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن يجتنبوا كل الاجتناب ما كانوا عليه من عبادتها خوفا أن يحيق بهم مثل ما حاق بأولئك من العذاب بحكم الاشتراك فيما يوجبه ، أو أن في ذكر نبئه وتلاوته عليهم على ما هو عليه من غير أن تسمعه من أحد لآية عظيمة دالة على أن ما تتلوه عليهم وحي صادق نازل من جهة الله تعالى موجبة للإيمان به قطعا .

                                                                                                                                                                                                                                      وما كان أكثرهم مؤمنين أي : أكثر هؤلاء الذين تتلو عليهم النبأ مؤمنين ، بل هم مصرون على ما كانوا عليه من الكفر والضلال . وأما أن ضمير "أكثرهم" لقوم إبراهيم عليه السلام كما توهموا فمما لا سبيل إليه أصلا لظهور أنهم ما ازدادوا مما سمعوا منه عليه الصلاة والسلام [ ص: 254 ]

                                                                                                                                                                                                                                      إلا طغيانا وكفرا حتى اجترءوا على تلك العظيمة التي فعلوها به عليه الصلاة والسلام ، فكيف يعبر عنهم بعدم إيمان أكثرهم ، وإنما آمن له لوط فنجاهما الله عز وجل إلى الشام . وقد مر بقية الكلام في آخر قصة موسى عليه السلام .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية