الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4135 باب: ما تخطفه الجن

                                                                                                                              وقال النووي: ( باب تحريم الكهانة، وإتيان الكهان).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 225، جـ 14، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن يحيى بن عروة، أنه سمع عروة يقول: قالت عائشة: سأل أناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليسوا بشيء". قالوا: يا رسول الله! فإنهم يحدثون أحيانا الشيء، يكون حقا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلك الكلمة من الحق: يخطفها الجني، فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة، فيخلطون فيها: أكثر من مائة كذبة" ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت: سأل أناس رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، عن الكهان؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: "ليسوا بشيء"). معناه: بطلان قولهم. وأنه لا حقيقة له. وفيه: جواز إطلاق هذا اللفظ على ما [ ص: 400 ] كان باطلا.

                                                                                                                              (قالوا: يا رسول الله! فإنهم يحدثون أحيانا الشيء، يكون حقا. قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: تلك الكلمة من الحق) بالحاء والقاف. قال النووي: وهو في جميع النسخ ببلادنا: "من الجن" بالجيم والنون. أي: الكلمة المسموعة، من الجن. أو التي تصح: مما نقلته الجن. وذكر عياض في (المشارق): أنه روي هكذا. وروي أيضا: "الحق".

                                                                                                                              (يخطفها الجني) بفتح الطاء، على المشهور. وبه جاء القرآن. وفي لغة قليلة: "كسرها". ومعناه: استرقه، وأخذه بسرعة. (فيقرها في أذن وليه، قر الدجاجة). وفي رواية أخرى: "فيقذفها في أذن وليه".

                                                                                                                              "يقر" بفتح الياء، وضم القاف، وتشديد الراء. وقد يفتح القاف.

                                                                                                                              "والدجاجة" بالدال: المعروفة.

                                                                                                                              قال أهل اللغة والغريب: "القر": ترديدك الكلام في أذن المخاطب، حتى يفهمه. يقول: قررته فيه، أقره، قرا.

                                                                                                                              "وقر الدجاجة": صوتها، إذا قطعته. يقال: قرت، تقر، قرا، وقريرا. فإن رددته، قلت: "قرقرت قرقرة".

                                                                                                                              (فيخلطون فيها: أكثر من مائة كذبة). وفي أخرى: "ويزيد [ ص: 401 ] فيها: مائة كذبة" بفتح الكاف، وكسرها. والذال ساكنة فيهما. قال عياض: وأنكر بعضهم الكسر. إلا إذا أراد الحالة والهيئة. وليس هذا موضعها.

                                                                                                                              ومعنى "يقذفها": يلقيها.

                                                                                                                              قال الخطابي وغيره: معناه: أن الجني يقذف الكلمة إلى وليه الكاهن، فتسمعها الشياطين. كما تؤذن الدجاجة بصوتها صواحبها، فتتجاوب. قال: وفيه وجه آخر. وهي أن تكون الرواية: "كقر الزجاجة". تدل عليه رواية البخاري: "فيقرها في أذنه، كما تقر القارورة". قال: فذكر "القارورة" في هذه الرواية: يدل على ثبوت الرواية بالزجاجة. قال عياض: أما مسلم، فلم تختلف الرواية فيه، أنه "الدجاجة" بالدال. لكن رواية "القارورة": تصحح "الزجاجة".

                                                                                                                              قال: معناه: يكون لما يلقيه إلى وليه حس، كحس القارورة، عند تحريكها مع اليد، أو على صفا.




                                                                                                                              الخدمات العلمية