الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان تعلق إذ باذكر من الوضوح في حد لا يخفى على أحد ، قال دالا على حكمته وعلمه : إذ طاويا لمتعلقه لوضوح أمره فصار كأنه قال اذكر حكمته وعلمه حين قال : موسى لأهله [أي : زوجه] وهو راجع من مدين إلى مصر ، قيل : ولم يكن معه غيرها : إني آنست أي : أبصرت إبصارا حصل لي الأنس ، وأزال عني الوحشة والنوس نارا فعلم بما في هذه القصة من الأفعال المحكمة المنبئة عن تمام العلم اتصافه بالوصفين علما مشاهدا ، وقدم [ما] الحكمة فيه أظهر لاقتضاء الحال التأمين من نقص ما يؤمر به من الأفعال.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان كأنه قيل : فماذا تصنع؟ قال آتيا بضمير المذكر المجموع للتعبير عن الزوجة المذكورة بلفظ "الأهل" الصالح للمذكر والجمع صيانة لها وسترا جازما بالوعد للتعبير بالخير الشامل للهدى وغيره ، فكان تعلق الرجاء به أقوى من تعلقه بخصوص كونه هدى ، ولأن مقصود السورة يرجع إلى العلم ، فكان الأليق به الجزم ، ولذا عبر بالشهاب الهادي لأولي الألباب : سآتيكم أي : بوعد صادق وإن أبطأت [ ص: 131 ] منها بخبر أي : ولعل بعضه يكون مما نهتدي به في هذا الظلام إلى الطريق ، وكان قد ضلها أو آتيكم بشهاب أي : شعلة من نار ساطعة قبس أي : عود جاف مأخوذ من معظم النار فهو بحيث قد استحكمت فيه النار فلا ينطفئ; وقال البغوي : وقال بعضهم : الشهاب شيء ذو نور مثل العمود ، والعرب تسمي كل أبيض ذي نور شهابا ، والقبس : القطعة من النار. فقراءة الكوفيين بالتنوين على البدل أو الوصف ، وقراءة غيرهم بالإضافة ، لأن القبس أخص. وعلل إتيانه بذلك إفهاما لأنها ليلة باردة بقوله : لعلكم تصطلون أي : لتكونوا في حال من يرجى أن يستدفئ بذلك أي : يجد به الدفء لوصوله معي فيه النار ، وآذن بقرب وصوله فقال .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية