الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

جملة مستأنفة تفيد تعميم أحوال فضائل الإنفاق ، بعد أن خصص الكلام بالإنفاق للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ، فاسم الموصول مبتدأ ، وجملة فلهم أجرهم خبر المبتدأ .

وأدخل الفاء في خبر الموصول للتنبيه على تسبب استحقاق الأجر على الإنفاق لأن المبتدأ لما كان مشتملا على صلة مقصود منها التعميم والتعليل والإيماء إلى علة بناء الخبر على المبتدأ وهي ( ينفقون ) - صح إدخال الفاء في خبره كما تدخل في جواب الشرط ; لأن أصل الفاء الدلالة على التسبب وما أدخلت في جواب الشرط إلا لذلك ، والسر : الخفاء ، والعلانية : الجهر والظهور ، وذكر ( عند ربهم ) لتعظيم شأن الأجر .

[ ص: 78 ] وقوله : ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون مقابل قوله : وما للظالمين من أنصار إذ هو تهديد لمانعي الصدقات بإسلام الناس إياهم عند حلول المصائب بهم ، وهذا بشارة للمنفقين بطيب العيش في الدنيا فلا يخافون اعتداء المعتدين ؛ لأن الله أكسبهم محبة الناس إياهم ، ولا تحل بهم المصائب المحزنة إلا ما لا يسلم منه أحد مما هو معتاد في إبانه .

أما انتفاء الخوف والحزن عنهم في الآخرة فقد علم من قوله : فلهم أجرهم عند ربهم .

ورفع ( خوف ) في نفي الجنس ؛ إذ لا يتوهم في الفرد ؛ لأن الخوف من المعاني التي هي أجناس محضة لا أفراد لها كما تقدم في قوله تعالى : لا بيع فيه ولا خلة ومنه ما في حديث أم زرع : لا حر ولا قر ، ولا مخافة ولا سآمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية