الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا إضرابا عن إضرابهم، وإبطالا له: بل مكر الليل والنهار . أي: بل صدنا مكركم بنا بالليل والنهار. فحذف المضاف إليه، وأقيم مقامه الظرف اتساعا. أو جعل ليلهم ونهارهم ماكرين على الإسناد المجازي. وقرئ: (بل مكر الليل والنهار) بالتنوين ونصب الظرفين، أي: بل صدنا مكركم في الليل والنهار على أن التنوين عوض عن المضاف إليه، أو مكر عظيم على أنه للتفخيم. وقرئ: (بل مكر الليل والنهار) بالرفع والنصب، أي: تكرون الإغواء مكرا دائبا لا تفترون عنه، فالرفع على الفاعلية، أي: بل صدنا مكركم الإغواء في الليل والنهار على ما سبق من الاتساع في الظرف، بإقامته مقام المضاف إليه، والنصب على المصدرية، أي: بل تكرون الإغواء مكر الليل والنهار، أي: مكرا دائما. وقوله تعالى:إذ تأمروننا ظرف للمكر، أي: بل مكركم الدائم وقت أمركم لنا. أن نكفر بالله ونجعل له أندادا على أن المراد بمكرهم إما نفس أمرهم بما ذكر، كما في قوله تعالى: يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا [ ص: 135 ] فإن الجعلين المذكورين نعمة من الله تعالى وأي نعمة، وأما أمور أخر مقارنة لأمرهم داعية إلى الامتثال به من الترغيب والترهيب وغير ذلك. وأسروا الندامة لما رأوا العذاب أي: أضمر الفريقان الندامة على ما فعلا من الضلال والإضلال، وأخفاها كل منهما عن الآخر مخافة التعيير، أو أظهروها فإنه من الأضداد. وهو المناسب لحالهم. وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا أي: في أعناقهم. والإظهار في موضع الإضمار للتنويه بذمهم، والتنبيه على موجب أغلالهم. هل يجزون إلا ما كانوا يعملون أي: لا يجزون إلا جزاء ما كانوا يعملون، أو إلا بما كانوا يعملونه على نزع الجار.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية