الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 460 ) فصل : القسم الثالث من أقسام المستحاضة : من لها عادة وتمييز وهي من كانت لها عادة فاستحيضت ، ودمها متميز بعضه أسود وبعضه أحمر ، فإن كان الأسود في زمن العادة فقد اتفقت العادة والتمييز في الدلالة ، فيعمل بهما . وإن كان أكثر من العادة أو أقل ويصلح أن يكون حيضا ، ففيه روايتان : إحداهما ، يقدم التمييز ، فيعمل به ، وتدع العادة ، وهو ظاهر كلام الخرقي ; لقوله " فكانت ممن تميز تركت الصلاة في إقباله " . ولم يفرق بين معتادة وغيرها . واشترط في ردها إلى العادة أن لا يكون دمها متصلا ، وهو ظاهر مذهب الشافعي ; لأن صفة الدم أمارة قائمة به ، والعادة زمان منقض ; ولأنه خارج يوجب الغسل ، فرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمني .

                                                                                                                                            وظاهر كلام أحمد اعتبار العادة . وهو قول أكثر الأصحاب ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد أم حبيبة ، والمرأة التي استفتت لها أم سلمة إلى العادة ، ولم يفرق ولم يستفصل بين كونها مميزة أو غيرها ، وحديث فاطمة قد روي فيه ردها إلى العادة ، وفي لفظ آخر ردها إلى التمييز ، فتعارضت روايتان وبقيت الأحاديث الباقية خالية عن معارض ، فيجب العمل بها . على أن حديث فاطمة قضية عين ، وحكاية حال ، يحتمل أنها أخبرته أنها لا عادة لها ، أو علم ذلك من غيرها ، أو قرينة حالها ، وحديث عدي بن ثابت عام في كل مستحاضة ، فيكون أولى ; ولأن العادة أقوى ; لكونها لا تبطل دلالتها ، واللون إذا زاد على أكثر الحيض ، بطلت دلالته ، فما لا تبطل دلالته أقوى وأولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية