الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 491 ] كتاب الوصايا باب في صفة الوصية

                                                                                                        ما يجوز من ذلك وما يستحب منه وما يكون رجوعا عنه قال : ( الوصية غير واجبة وهي مستحبة ) والقياس يأبى جوازها لأنه تمليك مضاف إلى حال زوال مالكيته ، ولو أضيف إلى حال قيامها بأن قيل ملكتك غدا كان باطلا فهذا أولى إلا أنا استحسناه لحاجة الناس إليها ، فإن الإنسان مغرور بأمله مقصر في عمله ، فإذا عرض له المرض وخاف البيات يحتاج إلى تلافي بعض ما فرط منه من التفريط بماله على وجه لو مضى فيه يتحقق مقصده المآلي ، ولو أنهضه البرء يصرفه إلى مطلبه الحالي وفي شرع الوصية ذلك فشرعناه ومثله في الإجارة بيناه ، وقد تبقى المالكية بعد الموت باعتبار الحاجة كما في قدر التجهيز والدين وقد نطق به الكتاب وهو قول الله تعالى : { من بعد وصية يوصى بها أو دين }والسنة وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام : { إن الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم في آخر أعماركم زيادة لكم في أعمالكم تضعونها حيث شئتم } ، أو قال حيث أحببتم " وعليه إجماع الأمة ، ثم يصح للأجنبي في الثلث من غير إجازة الورثة لما روينا ، وسنبين ما هو الأفضل فيه إن شاء الله تعالى .

                                                                                                        [ ص: 489 - 491 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 489 - 491 ] كتاب الوصايا

                                                                                                        الحديث الأول : قال عليه السلام : { إن الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم ، زيادة في أعمالكم ، فضعوها حيث شئتم ، أو قال : حيث أحببتم } ، وعليه إجماع الأمة ; قلت : روي من حديث أبي هريرة ; ومن حديث أبي الدرداء ; ومن حديث معاذ ; ومن حديث أبي بكر الصديق ; ومن حديث خالد بن عبيد . فحديث أبي هريرة :

                                                                                                        أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن طلحة بن عمرو المكي عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { إن الله تصدق [ ص: 492 ] عليكم عند وفاتكم ، بثلث أموالكم ، زيادة لكم في أعمالكم }" انتهى .

                                                                                                        ورواه البزار في " مسنده " ، وقال : لا نعلم رواه عن عطاء إلا طلحة بن عمرو ، وهو وإن روى عنه جماعة ، فليس بالقوي انتهى . وحديث معاذ :

                                                                                                        أخرجه الدارقطني في " سننه " ، والطبراني في " معجمه " عن إسماعيل بن عياش ثنا عتبة بن حميد عن القاسم عن أبي أمامة عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم ، زيادة في حسناتكم ، ليجعلها لكم زيادة في أعمالكم }انتهى . ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " موقوفا ، فقال : حدثنا عبد الأعلى عن برد عن مكحول عن معاذ بن جبل ، فذكره . وحديث أبي الدرداء :

                                                                                                        رواه أحمد في " مسنده " حدثنا أبو اليمان حدثنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم }انتهى .

                                                                                                        وكذلك رواه البزار في " مسنده " ، وقال : وقد روي هذا الحديث من غير وجه ، وأعلى من رواه أبو الدرداء ، ولا نعلم له عن أبي الدرداء طريقا غير هذه الطريق ، وأبو بكر بن أبي مريم ، وضمرة معروفان ، وقد احتمل حديثهما انتهى . قلت : أخرجه الطبراني في " معجمه " عن إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن أبي مريم به . وحديث أبي بكر :

                                                                                                        أخرجه ابن عدي ، والعقيلي في " كتابيهما " عن حفص بن عمر بن ميمون أبي إسماعيل الأيلي ، مولى علي بن أبي طالب عن ثور بن يزيد عن مكحول عن الصنابحي ، أنه سمع أبا بكر الصديق ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن الله عز وجل ، قد تصدق عليكم بثلث أموالكم عند موتكم ، زيادة في أعمالكم }انتهى .

                                                                                                        وأسند ابن عدي تضعيفه عن النسائي ، وقال : عامة ما يرويه غير محفوظ ، وقال العقيلي : يحدث بالأباطيل انتهى . وحديث خالد بن عبيد :

                                                                                                        رواه الطبراني في " معجمه " حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ثنا أبي ثنا إسماعيل بن عياش عن عقيل بن مدرك [ ص: 493 ] عن الحارث بن خالد بن عبيد السلمي عن أبيه خالد بن عبيد السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن الله عز وجل أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم ، زيادة في أعمالكم }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية