الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم )

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 64 ] قال الزمخشري : لا بد من تقدير لفظ يتم به معنى الكلام ؛ لأن القمر لم يجعل نفسه منازل ، فالمعنى : أنا قدرنا سيره منازل ، وعلى ما ذكره يحتمل أن يقال : المراد منه : والقمر قدرناه ذا منازل ؛ لأن ذا الشيء قريب من الشيء ؛ ولهذا جاز قول القائل : عيشة راضية ؛ لأن ذا الشيء كالقائم به الشيء ، فأتوا بلفظ الوصف .

                                                                                                                                                                                                                                            وقوله : ( حتى عاد كالعرجون القديم ) أي رجع في الدقة إلى حالته التي كان عليها من قبل ، والعرجون من الانعراج يقال لعود العذق : عرجون ، والقديم : المتقادم الزمان ، قيل : إن ما غبر عليه سنة فهو قديم ، والصحيح أن هذه بعينها لا تشترط في جواز إطلاق القديم عليه ، وإنما تعتبر العادة ، حتى لا يقال لمدينة بنيت من سنة وسنتين : إنها بناء قديم أو هي قديمة ، ويقال لبعض الأشياء : إنه قديم ، وإن لم يكن له سنة ، ولهذا جاز أن يقال : بيت قديم وبناء قديم ، ولم يجز أن يقال في العالم : إنه قديم ، لأن القدم في البيت والبناء يثبت بحكم تقادم العهد ومرور السنين عليه ، وإطلاق القديم على العالم لا يعتاد إلا عند من يعتقد أنه لا أول له ولا سابق عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية