الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب النهبى بغير إذن صاحبه وقال عبادة بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم أن لا ننتهب

                                                                                                                                                                                                        2342 حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة حدثنا عدي بن ثابت سمعت عبد الله بن يزيد الأنصاري وهو جده أبو أمه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النهبى والمثلة [ ص: 143 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 143 ] قوله : ( باب النهبى بغير إذن صاحبه ) أي صاحب الشيء المنهوب ، والنهبى بضم النون فعلى من النهب وهو أخذ المرء ما ليس له جهارا ، ونهب مال الغير غير جائز ، ومفهوم الترجمة أنه إذا أذن جاز ، ومحله في المنهوب المشاع كالطعام يقدم للقوم فلكل منهم أن يأخذ مما يليه ولا يجذب من غيره إلا برضاه ، وبنحو ذلك فسره النخعي وغيره ، وكره مالك وجماعة النهب في نثار العرس ، لأنه إما أن يحمل على أن صاحبه أذن للحاضرين في أخذه فظاهره يقتضي التسوية ، والنهب يقتضي خلافها ، وإما أن يحمل على أنه علق التمليك على ما يحصل لكل أحد ففي صحته اختلاف فلذلك كرهه . وسيأتي لذلك مزيد بيان في أول كتاب الشركة إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال عبادة : بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا ننتهب ) هذا طرف من حديث وصله المؤلف في " وفود الأنصار " وقد تقدمت الإشارة إليه في أوائل كتاب الإيمان ، وكان من شأن الجاهلية انتهاب ما يحصل لهم من الغارات ، فوقعت البيعة على الزجر عن ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سمعت عبد الله بن يزيد ) كذا للأكثر ، وللكشميهني وحده " ابن زيد " وهو تصحيف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وهو ) يعني عبد الله ( جده ) أي جد عدي لأمه ، واسم أمه فاطمة وتكنى أم عدي ، وعبد الله بن يزيد هو الخطمي مضى ذكره في الاستسقاء ، وليس له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في البخاري غير هذا الحديث ، وله فيه عن الصحابة غير هذا . وقد اختلف في سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - . وروى هذا الحديث يعقوب بن إسحاق الحضرمي عن شعبة فقال فيه " عن عدي عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب الأنصاري " أشار إليه الإسماعيلي وأخرجه الطبراني ، والمحفوظ عن شعبة ليس فيه أبو أيوب . وفيه اختلاف آخر على عدي بن ثابت كما سيأتي في كتاب الذبائح . وفي النهي عن النهبة حديث جابر عند أبي داود بلفظ " من انتهب فليس منا " وحديث أنس عند الترمذي مثله ، وحديث عمران عند ابن حبان مثله . وحديث ثعلبة بن الحكم [ ص: 144 ] بلفظ " إن النهبة لا تحل " عند ابن ماجه ، وحديث زيد بن خالد عند أحمد " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النهبة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن النهبى والمثلة ) بضم الميم وسكون المثلثة ، ويجوز فتح الميم وضم المثلثة ، وسيأتي شرحها في كتاب الذبائح إن شاء الله تعالى . ثم أورد المصنف حديث " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " الحديث ، وفيه : " ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم " ومنه يستفاد التقييد بالإذن في الترجمة لأن رفع البصر إلى المنتهب في العادة لا يكون إلا عند عدم الإذن وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية