الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضطر

                                                          ضطر : الضوطر : العظيم ، وكذلك الضيطر والضيطار ، وقيل : هو الضخم اللئيم ، وقيل : الضيطر والضيطرى الضخم الجنبين العظيم الاست ، وقيل : الضيطر العظيم من الرجال ، والجمع ضياطر وضياطرة وضيطارون ; وأنشد أبو عمرو لعوف بن مالك :

                                                          تعرض ضيطارو فعالة

                                                          دوننا وما خير ضيطار يقلب مسطحا ؟

                                                          يقول : تعرض لنا هؤلاء القوم ليقاتلونا وليسوا بشيء لأنه لا سلاح معهم سوى المسطح ; وقال ابن بري : البيت لمالك بن عوف النضري . وفعالة : كناية عن خزاعة ، وإنما كنى هو وغيره عنهم بفعالة لكونهم حلفاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - ; يقول : ليس فيهم شيء مما ينبغي أن يكون في الرجال إلا عظم أجسامهم ، وليس لهم مع ذلك صبر ولا جلد ، وأي خير عند ضيطار سلاحه مسطح يقلبه في يده ؟ وقيل : الضيطر اللئيم ; قال الراجز :


                                                          صاح ألم تعجب لذاك الضيطر ؟

                                                          الجوهري : الضيطر الرجل الضخم الذي لا غناء عنده ، وكذلك الضوطر والضوطرى . وفي حديث علي - عليه السلام - : من يعذرني من هؤلاء الضياطرة ؟ هم الضخام الذين لا غناء عندهم ، الواحد ضيطار ، والياء زائدة ، وقالوا ضياطرون كأنهم جمعوا ضيطرا على ضياطر جمع السلامة ; وقول خداش بن زهير :


                                                          ونركب خيلا لا هوادة بينها     وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر

                                                          قال ابن سيده : يجوز أن يكون عنى أن الرماح تشقى بهم أي أنهم لا يحسنون حملها ولا الطعن بها ، ويجوز أن يكون على القلب أي تشقى الضياطرة الحمر بالرماح يعني أنهم يقتلون بها . والهوادة : المصالحة والموادعة . والضيطار : التاجر لا يبرح مكانه . وبنو ضوطرى : حي معروف ، وقيل : الضوطرى الحمقى ، قال ابن سيده : وهو الصحيح . ويقال : للقوم إذا كانوا لا يغنون غناء : بنو ضوطرى ; ومنه قول جرير يخاطب الفرزدق حين افتخر بعقر أبيه غالب في معاقرة سحيم بن وثيل الرياحي مائة ناقة بموضع يقال له : صوأر على مسيرة يوم من الكوفة ، ولذلك يقول جرير أيضا :


                                                          وقد سرني أن لا تعد مجاشع     من المجد إلا عقر نيب بصوأر

                                                          قال ابن الأثير : وسبب ذلك أن غالبا نحر بذلك الموضع ناقة وأمر أن يصنع منها طعام ، وجعل يهدي إلى قوم من بني تميم جفانا ، وأهدى إلى سحيم جفنة فكفأها ، وقال : أمفتقر أنا إلى طعام غالب إذا نحر ناقة ؟ فنحر غالب ناقتين فنحر سحيم مثلهما ، فنحر غالب ثلاثا فنحر سحيم مثلهن ، فعمد غالب فنحر مائة ناقة ونكل سحيم ، فافتخر الفرزدق في شعره بكرم أبيه غالب فقال :


                                                          تعدون عقر النيب أفضل مجدكم     بني ضوطرى ، لولا الكمي المقنعا

                                                          يريد : هلا الكمي ، ويروى : المدججا ، ومعنى تعدون تجعلون [ ص: 44 ] وتحسبون ، ولهذا عداه إلى مفعولين ; ومثله قول ذي الرمة :


                                                          أشم أغر أزهر هبرزي     يعد القاصدين له عيالا

                                                          قال : ومثله للكميت :


                                                          فأنت الندى فيما ينوبك والسدى     إذا الخود عدت عقبة القدر مالها

                                                          قال : وعليه قول أبي الطيب :


                                                          ولو أن الحياة تبقى لحي     لعددنا أضلنا الشجعانا

                                                          قال : وقد يجوز أن يكون تعدون في بيت جرير من العد ، ويكون على إسقاط من الجار ، تقديره تعدون عقر النيب من أفضل مجدكم ، فلما أسقط الخافض تعدى الفعل فنصب . وأبو ضوطرى : كنية الجوع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية