الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          طوق

                                                          طوق : الطوق : حلي يجعل في العنق . وكل شيء استدار فهو طوق كطوق الرحى الذي يدير القطب ونحو ذلك . والطوق : واحد الأطواق ، وقد طوقته فتطوق أي ألبسته الطوق فلبسه ، وقيل : الطوق ما استدار بالشيء ، والجمع أطواق . والمطوقة : الحمامة التي في عنقها طوق . والمطوق من الحمام : ما كان له طوق . وطوقه بالسيف وغيره وطوقه إياه : جعله له طوقا . وفي التنزيل : سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ، يعني مانع الزكاة يطوق ما بخل به من حق الفقراء من النار يوم القيامة ، نعوذ بالله من سخط الله . ويروى في حديث : من غصب جاره شبرا من الأرض طوقه من سبع أرضين ; يقول : جعل له طوقا في عنقه أي يخسف الله به الأرض فتصير البقعة المغصوبة منها في عنقه كالطوق ، وقيل : هو أن يطوق حملها يوم القيامة أي يكلف [ ص: 162 ] فيكون من طوق التكليف لا من طوق التقليد ; ومن الأول حديث الزكاة : يطوق ماله شجاعا أقرع ; أي يجعل له كالطوق في عنقه ، ومنه الحديث : والنخل مطوقة بثمرها ; أي صارت أعذاقها كالأطواق في الأعناق ، ومن الثاني حديث أبي قتادة ومراجعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصوم ; فقال : وددت أني طوقت ذلك ; أي ليته جعل داخلا في طاقتي وقدرتي ولم يكن عاجزا عن ذلك غير قادر عليه لضعف منه ، ولكن يحتمل أنه خاف العجز عنه للحقوق التي تلزمه لنسائه ، فإن إدامة الصوم تخل بحظوظهن منه . وتطوقت الحية على عنقه : صارت عليه كالطوق . والطوقة : أرض سهلة مستديرة في غلظ . وطائق كل شيء ، مثل طوقه ، وفي التهذيب : طائق كل شيء ما استدار به من حبل أو أكمة ، والجمع الأطواق . ابن سيده : ومن الشاذ قراءة ابن عباس ومجاهد وعكرمة : وعلى الذين يطوقونه ، ويطوقونه ويطيقونه ويطيقونه ، فيطوقونه . يجعل كالطوق في أعناقهم ، ويطوقونه أصله يتطوقونه فقلبت التاء طاء وأدغمت في الطاء ، ويطيقونه أصله يطيوقونه فقلبت الواو ياء كما قلبتها في سيد وميت ، وقد يجوز أن يكون القلب على المعاقبة كتهور وتهير ، على أن أبا الحسن قد حكى هار يهير ، فهذا يؤنس أن ياء تهير وضع وليست على المعاقبة ، قال : ولا تحملن هار يهير على الواو قياسا على ما ذهب إليه الخليل في تاه يتيه وطاح يطيح فإن ذلك قليل ، ومن قرأ يطيقونه جاز أن يكون يتفيعلونه ، أصله يتطيوقونه فقلبت الواو ياء كما تقدم في ميت وسيد ، وتجوز فيه المعاقبة أيضا على تهير ، ويجوز أن يكون يطوقونه بالواو ، وصيغة ما لم يسم فاعله يفوعلونه إلا أن بناء فعلت أكثر من بناء فوعلت . وطوقتك الشيء أي كلفتكه . وطوقني الله أداء حقك أي قواني . وطوقت له نفسه : لغة في طوعت أي رخصت وسهلت ; حكاها الأخفش . والطائق : حجر أو نشز ينشز في الجبل نادر ، منه ، وفي البئر مثل ذلك ما نشز من حال البئر من صخرة ناتئة ; وقال عمارة بن طارق في صفة الغرب :


                                                          موقر من بقر الرساتق

                                                          ذي كدنة على جحاف الطائق     أخضر لم ينهك بموسى الحالق



                                                          أي ذو قوة على مكاوحة تلك الصخرة ; وقال في جمعه :


                                                          على متون صخر طوائق



                                                          والطائق : ما بين كل خشبتين من السفينة . أبو عبيد : الطائق ما بين كل خشبتين . ويقال : الطائق إحدى خشبات بطن الزورق . أبو عمر الشيباني : الطائق وسط السفينة ، وأنشد للبيد :


                                                          فالتام طائقها القديم ، فأصبحت     ما إن يقوم درأها ردفان



                                                          الأصمعي : الطائق ما شخص من السفينة كالحيد الذي ينحدر من الجبل ; قال ذو الرمة :


                                                          قرواء طائقها بالآل محزوم



                                                          قال : وهو حرف نادر في القنة . الليث : طائق كل شيء ما استدار به من حبل أو أكمة ، وجمعه أطواق ، والطاقات جمع طاقة . ويقال للكر الذي يصعد به إلى النخلة الطوق ، وهو البروند بالفارسية ; قال الشارع يصف نخلة :


                                                          وميالة في رأسها الشحم والندى     وسائرها خال من الخير يابس
                                                          تهيبها الفتيان حتى انبرى لها     قصير الخطى ، في طوقه ، متقاعس



                                                          يعني البروند ; التهذيب : أنشد عمر بن بكر :


                                                          بنى بالغمر أرعن مشمخرا

                                                          ، يغني ، في طوائقه ، الحمام قال : طوائقه عقوده ; قال الأزهري : وصف قصرا . والطوائق : جمع الطاق الذي يعقد بالآجر ، وأصله طائق وجمعه طوائق على الأصل ، مثل الحاجة جمعها حوائج ؛ لأن أصلها حائجة ، وأنشد لعمرو بن حسان :


                                                          أجدك هل رأيت أبا قبيس     أطال حياته النعم الركام ؟
                                                          بنى بالغمر أرعن مشمخرا     يغني في طوائقه الحمام



                                                          وقال : ويجمع أيضا أطواقا . والطوق والإطاقة : القدرة على الشيء . والطوق : الطاقة . وقد طاقه طوقا وأطاقه إطاقة وأطاق عليه ، والاسم الطاقة . وهو في طوقي أي في وسعي ; قال ابن بري : وقول عمرو بن أمامة :


                                                          لقد عرفت الموت قبل ذوقه     إن الجبان حتفه من فوقه
                                                          كل امرئ مقاتل عن طوقه     كالثور يحمي جلده بروقه



                                                          أراد بالطوق العنق ، ورواه الليث :

                                                          كل امرئ مجاهد بطوقه

                                                          قال : والطوق الطاقة أي أقصى غايته ، وهو اسم لمقدار ما يمكن أن يفعله بمشقة منه . ابن الأعرابي : يقال : طق طق من طاق يطوق إذا أطاق . الليث : الطوق مصدر من الطاقة ، وأنشد :


                                                          كل امرئ مجاهد بطوقه     والثور يحمي أنفه بروقه



                                                          يقول : كل امرئ مكلف ما أطاق ; قال أبو منصور : يقال : طاق يطوق طوقا وأطاق يطيق إطاقة وطاقة ، كما يقال : طاع يطوع طوعا وأطاع يطيع إطاعة وطاعة . والطاقة والطاعة : اسمان يوضعان موضع المصدر ; قال سيبويه : وقالوا : طلبته طاقتك ، أضافوا المصدر وإن كان في موضع الحال ، كما أدخلوا فيه الألف واللام حين قالوا : أرسلها العراك ، وأما طلبته طاقتي فلا يكون إلا معرفة كما أن سبحان الله لا يكون إلا كذلك . والطاقة : شعبة من ريحان أو شعر ، وقوة من الخيط أو نحو ذلك . ويقال : طاق نعل وطاقة ريحان ، والطاق : ما عطف [ ص: 163 ] من الأبنية ، والجمع الطاقات . والطيقان : فارسي معرب . والطاق : عقد البناء حيث كان ، والجمع أطواق وطيقان . والطاق : ضرب من الملابس . قال ابن الأعرابي : هو الطيلسان ، وقيل : هو الطيلسان الأخضر ; عن كراع ; قال رؤبة :


                                                          ولو ترى ، إذ جبتي من طاق     ولمتي مثل جناح غاق



                                                          وقال الشاعر :


                                                          لقد تركت خزيبة كل وغد     تمشى بين خاتام وطاق



                                                          والطيقان جمع طاق : الطيلسان مثل ساج وسيجان ; قال مليح الهذلي :


                                                          من الريط والطيقان تنشر فوقهم     كأجنحة العقبان تدنو وتخطف



                                                          والطاق : ضرب من الثياب ; قال الراجز :


                                                          يكفيك ، من طاق كثير الأثمان     جمازة شمر منها الكمان



                                                          قال ابن بري : الطاق الكساء ، والطاق الخمار ; وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          سائلة الأصداغ يهفو طاقها     كأنما ساق غراب ساقها



                                                          وفسره فقال : أي خمارها يطير وأصداغها تتطاير من مخاصمتها . ورأيت أرضا كأنها الطيقان إذا كثر نباتها . وشراب الأطواق : حلب النارجيل ، وهو أخبث من كل شراب يشرب وأشد إفسادا للعقل . وذات الطوق : أرض معروفة ; قال رؤبة :


                                                          ترمي ذراعيه بجثجاث السوق     ضرحا ، وقد أنجدن من ذات الطوق



                                                          والطوق : أرض سهلة مستديرة . وطاق القوس : سيتها ، قال ابن حمزة : طائقها لا غير ، ولا يقال : طاقها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية