الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضها

                                                          ضها : الليث : المضاهاة مشاكلة الشيء بالشيء ، وربما همزوا فيه . وضاهيت الرجل : شاكلته ، وقيل : عارضته . وفلان ضهي فلان أي نظيره وشبيهه ، على فعيل . قال الله تعالى : يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ; قال الفراء : يضاهون أي يضارعون قول الذين كفروا : لقولهم اللات والعزى ، قال : وبعض العرب يهمز فيقول : يضاهئون ، وقد قرأ بها عاصم ; وقال أبو إسحاق : معنى ( يضاهون قول الذين كفروا ) ، أي يشابهون في قولهم هذا قول من تقدم من كفرتهم أي إنما قالوه اتباعا لهم ، قال : والدليل على ذلك قوله تعالى : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ; أي قبلوا منهم أن المسيح والعزير ابنا الله ، قال : واشتقاقه من قولهم : امرأة ضهيأ ، وهي التي لا يظهر لها ثدي ، وقيل : هي التي لا تحيض ، فكأنها رجل شبها ، قال : [ ص: 70 ] وضهيأ فعلأ ، الهمزة زائدة كما زيدت في شمأل وفي غرقئ البيض ، قال : ولا نعلم الهمزة زيدت غير أول إلا في هذه الأسماء ، قال : ويجوز أن تكون الضهيأ بوزن الضهيع فعيلا ، وإن كانت لا نظير لها في الكلام فقد قالوا : كنهبل ، ولا نظير له . والضهيأ : التي لم تحض قط ، وقد ضهيت تضهى ضهى ، قال ابن سيده : الضهيأ والضهياء ، على فعلاء من النساء التي لا تحيض ولا ينبت ثدياها ولا تحمل ، وقيل : التي لا تلد وإن حاضت . وقال اللحياني : الضهيأ التي لا ينبت ثدياها ، فإذا كانت كذا فهي لا تحيض . وقال بعضهم : الضهياء ، ممدود ، التي لا تحيض وهي حبلى . قال ابن جني : امرأة ضهيأة ، وزنها فعلأة لقولهم في معناها ضهياء ، وأجاز أبو إسحاق في همزة ضهيأة أن تكون أصلا وتكون الياء هي الزائدة ، فعلى هذا تكون الكلمة فعيلة ، وذهب في ذلك مذهبا من الاشتقاق حسنا لولا شيء اعترضه ، وذلك أنه قال : يقال : ضاهيت زيدا وضاهأت زيدا ، بالياء والهمزة ، قال : والضهيأة هي التي لا تحيض ، وقيل : هي التي لا ثدي لها ، قال : فيكون ضهيأة فعيلة من ضاهأت بالهمز ، قال ابن سيده : قال ابن جني : هذا الذي ذهب إليه من الاشتقاق معنى حسن ، وليس يعترض قوله شيء إلا أنه ليس في الكلام فعيل ، بفتح الفاء ، إنما فعيل بكسرها نحو : حذيم ، وطريم ، وغريم ، وغرين ، ولم يأت الفتح في هذا الفن ثبتا ، إنما حكاه قوم شاذا ; والجمع ضهي ، ضهيت ضهى . وقالت امرأة للحجاج في ابنها وهو محبوس : إني أنا الضهياء الذناء ; فالضهياء هنا : التي لا تلد وإن حاضت ، والذناء المستحاضة ; وروي أن عدة من الشعراء دخلوا على عبد الملك فقال : أجيزوا :


                                                          وضهياء من سر المهاري نجيبة جلست عليها ، ثم قلت لها إخ



                                                          فقال الراعي :


                                                          لتهجع واستبقيتها ، ثم قلصت     بسمر خفاف الوطء وارية المخ



                                                          قال علي بن حمزة : الضهياء التي لا ثدي لها ، وأما التي لا تحيض فهي الضهيأة ; وأنشد :


                                                          ضهيأة أو عاقر جماد



                                                          وقيل : إنها في كلتا اللغتين التي لا ثدي لها والتي لا تحيض . والضهياء من النوق : التي لا تضبع ولم تحمل قط ، ومن النساء التي لا تحيض . وحكى أبو عمرو : امرأة ضهياة وضهياه ، بالتاء والهاء ، وهي التي لا تطمث ، قال : وهذا يقتضي أن يكون الضهيا مقصورا ; وقال غيره : الضهواء من النساء التي لم تنهد ، وقيل : التي لا تحيض ولا ثدي لها . والضهيا ، مقصور : الأرض التي لا تنبت ، وقيل : هو شجر عضاهي له برمة وعلفة ، وهي كثيرة الشوك ، وعلفها أحمر شديد الحمرة ، وورقها مثل ورق السمر . الجوهري : الضهياء ، ممدود ، شجر ، وقال ابن بري : واحدته ضهياءة . أبو زيد : الضهيأ ، بوزن الضهيع مهموز مقصور مثل السيال وجناتهما واحد في سنفة ، وهي ذات شوك ضعيف ومنبتها الأودية والجبال . ويقال : أضهى فلان إذا رعى إبله الضهيأ ، وهو نبات ملبنة مسمنة . التهذيب : أبو عمرو : الضهوة بركة الماء ، والجمع أضهاء . ابن بزرج : ضهيأ فلان أمره إذا مرضه ولم يصرمه . الأموي : ضاهأت الرجل رفقت به . خالد بن جنبة : المضاهاة المتابعة . يقال : فلان يضاهي فلانا أي يتابعه . وفي الحديث : ( أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون خلق الله ) ; أي يعارضون بما يعملون خلق الله تعالى ، أراد المصورين ، وكذلك معنى قول عمر لكعب : ضاهيت اليهودية أي عارضتها وشابهتها . وضهاء : موضع ; قال الهذلي :


                                                          لعمرك ! ما إن ذو ضهاء بهين     علي ، وما أعطيته سيب نائلي



                                                          قال ابن سيده : وقضينا أن همزة ضهاء ياء لكونها لاما مع وجودنا لضهيإ وضهياء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية