الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          طبب

                                                          طبب : الطب : علاج الجسم والنفس . رجل طب وطبيب : عالم بالطب ; تقول : ما كنت طبيبا ، ولقد طببت ، بالكسر . والمتطبب : الذي يتعاطى علم الطب . والطب ، والطب ، لغتان في الطب . وقد طب يطب ويطب وتطبب . وقالوا : تطبب له : سأل له الأطباء . وجمع القليل : أطبة ، والكثير : أطباء . وقالوا : إن كنت ذا طب وطب وطب فطب لعينك . ابن السكيت : إن كنت ذا طب ، فطب لنفسك أي ابدأ أولا بإصلاح نفسك . وسمعت الكلابي يقول : اعمل في هذا عمل من طب لمن حب . الأحمر : من أمثالهم في التنوق في الحاجة وتحسينها : اصنعه صنعة من طب لمن حب ; أي صنعة حاذق لمن يحبه . وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأى بين كتفيه خاتم النبوة ، فقال : إن أذنت لي عالجتها فإني طبيب ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( طبيبها الذي خلقها ) ; معناه : العالم بها خالقها الذي خلقها لا أنت . وجاء يستطب لوجعه أي يستوصف الدواء أيها يصلح لدائه . والطب : الرفق . والطبيب : الرفيق ; قال المرار بن سعيد الفقعسي ، يصف جملا ، وليس للمرار الحنظلي :


                                                          يدين لمزرور إلى جنب حلقة [ ص: 84 ] من الشبه ، سواها برفق طبيبها



                                                          ومعنى يدين : يطيع . والمزرور : الزمام المربوط بالبرة ، وهو معنى قوله : حلقة من الشبه ، وهو الصفر ، أي يطيع هذه الناقة زمامها المربوط إلى برة أنفها . والطب والطبيب : الحاذق من الرجال ، الماهر بعلمه ; أنشد ثعلب في صفة غراسة نخل :


                                                          جاءت على غرس طبيب ماهر



                                                          وقد قيل : إن اشتقاق الطبيب منه ، وليس بقوي . وكل حاذق بعمله : طبيب عند العرب . ورجل طب ، بالفتح ، أي عالم ; يقال : فلان طب بكذا أي عالم به . وفي حديث سلمان وأبي الدرداء : ( بلغني أنك جعلت طبيبا ) . الطبيب في الأصل : الحاذق بالأمور ، العارف بها ، وبه سمي الطبيب الذي يعالج المرضى ، وكني به هاهنا عن القضاء والحكم بين الخصوم ، لأن منزلة القاضي من الخصوم ، بمنزلة الطبيب من إصلاح البدن . والمتطبب : الذي يعاني الطب ، ولا يعرفه معرفة جيدة . وفحل طب : ماهر حاذق بالضراب ، يعرف اللاقح من الحائل ، والضبعة من المبسورة ، ويعرف نقص الولد في الرحم ، ويكرف ثم يعود ويضرب . وفي حديث الشعبي : ووصف معاوية فقال : كان كالجمل الطب ، يعني الحاذق بالضراب . وقيل الطب من الإبل الذي لا يضع خفه إلا حيث يبصر ، فاستعار أحد هذين المعنيين لأفعاله وخلاله . وفي المثل : أرسله طبا ، ولا ترسله طاطا . وبعضهم يرويه : أرسله طابا . وبعير طب : يتعاهد موضع خفه أين يطأ به . والطب والطب : السحر ; قال ابن الأسلت :


                                                          ألا من مبلغ حسان عني     أطب ، كان داؤك ، أم جنون ؟



                                                          ورواه سيبويه : أسحر كان طبك ؟ وقد طب الرجل . والمطبوب : المسحور . قال أبو عبيدة : إنما سمي السحر طبا على التفاؤل بالبرء . قال ابن سيده : والذي عندي أنه الحذق . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه احتجم بقرن حين طب ; قال أبو عبيد : طب أي سحر . يقال منه : رجل مطبوب أي مسحور ، كنوا بالطب عن السحر ، تفاؤلا بالبرء ، كما كنوا عن اللديغ ، فقالوا : سليم ، وعن المفازة ، وهي مهلكة ، فقالوا : مفازة ، تفاؤلا بالفوز والسلامة . قال : وأصل الطب : الحذق بالأشياء والمهارة بها ; يقال : رجل طب وطبيب إذا كان كذلك ، وإن كان في غير علاج المرض ; قال عنترة :


                                                          إن تغدفي دوني القناع ، فإنني     طب بأخذ الفارس المستلئم



                                                          وقال علقمة :


                                                          فإن تسألوني بالنساء ، فإنني     بصير بأدواء النساء طبيب



                                                          وفي الحديث : ( فلعل طبا أصابه ) ; أي سحرا ، وفي حديث آخر : ( إنه مطبوب ) . وما ذاك بطبي أي بدهري وعادتي وشأني . والطب : الطوية والشهوة والإرادة ; قال :


                                                          إن يكن طبك الفراق ، فإن الب     ين أن تعطفي صدور الجمال



                                                          وقول فروة بن مسيك المرادي :


                                                          فإن نغلب فغلابون قدما     وإن نغلب فغير مغلبينا
                                                          فما إن طبنا جبن ، ولكن     منايانا ودولة آخرينا
                                                          كذاك الدهر دولته سجال     تكر صروفه حينا فحينا



                                                          يجوز أن يكون معناه : ما دهرنا وشأننا وعادتنا ، وأن يكون معناه : شهوتنا . ومعنى هذا الشعر : إن كانت همدان ظهرت علينا في يوم الردم فغلبتنا ، فغير مغلبين . والمغلب : الذي يغلب مرارا أي لم نغلب إلا مرة واحدة . والطبة والطبابة والطبيبة : الطريقة المستطيلة من الثوب ، والرمل ، والسحاب ، وشعاع الشمس ، والجمع : طباب وطبب ; قال ذو الرمة يصف الثور :


                                                          حتى إذا مالها في الجدر وانحدرت     شمس النهار شعاعا ، بينها طبب



                                                          الأصمعي : الخبة والطبة والخبيبة والطبابة : كل هذا طرائق في رمل وسحاب . والطبة : الشقة المستطيلة من الثوب ، والجمع : الطبب ; وكذلك طبب شعاع الشمس ، وهي الطرائق التي ترى فيها إذا طلعت ، وهي الطباب أيضا . والطبة : الجلدة المستطيلة ، أو المربعة ، أو المستديرة في المزادة ، والسفرة ، والدلو ونحوها . والطبابة : الجلدة التي تجعل على طرفي الجلد في القربة ، والسقاء ، والإداوة إذا سوي ، ثم خرز غير مثني . وفي الصحاح : الجلدة التي تغطى بها الخرز ، وهي معترضة مثنية ، كالإصبع على موضع الخرز . الأصمعي : الطبابة التي تجعل على ملتقى طرفي الجلد إذا خرز في أسفل القربة والسقاء والإداوة . أبو زيد : فإذا كان الجلد في أسافل هذه الأشياء مثنيا ، ثم خرز عليه ، فهو عراق ، وإذا سوي ثم خرز غير مثني ، فهو طباب . وطبيب السقاء : رقعته . وقال الليث : الطبابة من الخرز : السير بين الخرزتين . والطبة : السير الذي يكون أسفل القربة ، وهي تقارب الخرز . ابن سيده : والطبابة سير عريض تقع الكتب والخرز فيه ، والجمع : طباب ; قال جرير :


                                                          بلى ، فارفض دمعك غير نزر     كما عينت بالسرب الطبابا



                                                          وقد طب الخرز يطبه طبا ، وكذلك طب السقاء وطببه ، شدد للكثرة ; قال الكميت يصف قطا :


                                                          أو الناطقات الصادقات ، إذا غدت     بأسقية ، لم يفرهن المطبب



                                                          ابن سيده : وربما سميت القطعة التي تخرز على حرف الدلو أو حاشية السفرة طبة ، والجمع طبب وطباب . والتطبيب : أن يعلق السقاء في عمود البيت ، ثم يمخض ; قال الأزهري : لم أسمع التطبيب بهذا المعنى لغير الليث ، وأحسبه التطنيب كما يطنب البيت . ويقال : [ ص: 85 ] طببت الديباج تطبيبا إذا أدخلت بنيقة توسعه بها . وطبابة السماء وطبابها : طرتها المستطيلة ; قال مالك بن خالد الهذلي :


                                                          أرته من الجرباء ، في كل موطن     طبابا ، فمثواه النهار المراكد



                                                          يصف حمار وحش خاف الطراد فلجأ إلى جبل ، فصار في بعض شعابه ، فهو يرى أفق السماء مستطيلا ; قال الأزهري : وذلك أن الأتن ألجأت المسحل إلى مضيق في الجبل ، لا يرى فيه إلا طرة من السماء . والطبابة ، من السماء : طريقه وطرته ; وقال الآخر :


                                                          وسد السماء السجن إلا طبابة     كترس المرامي ، مستكنا جنوبها



                                                          فالحمار رأى السماء مستطيلة لأنه في شعب ، والرجل رآها مستديرة لأنه في السجن . وقال أبو حنيفة : الطبة والطبيبة والطبابة : المستطيل الضيق من الأرض ، الكثير النبات . والطبطبة : صوت تلاطم السيل ، وقيل : هو صوت الماء إذا اضطرب واصطك ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          كأن صوت الماء ، في أمعائها     طبطبة الميث إلى جوائها



                                                          عداه بإلى لأن فيه معنى تشكى الميث . وطبطب الماء إذا حركه . الليث : طبطب الوادي طبطبة إذا سال بالماء ، وسمعت لصوته طباطب . والطبطبة : شيء عريض يضرب بعضه ببعض . الصحاح : الطبطبة صوت الماء ونحوه ، وقد تطبطب ; قال :


                                                          إذا طحنت درنية لعيالها     تطبطب ثدياها فطار طحينها



                                                          والطبطابة : خشبة عريضة يلعب بها الفارس بالكرة . وفي التهذيب : يلعب الفارس بها بالكرة . ابن هانئ يقال : قرب طب ، ويقال : قرب طبا ، كقولك : نعم رجلا ، وهذا مثل يقال للرجل يسأل عن الأمر الذي قد قرب منه ، وذلك أن رجلا قعد بين رجلي امرأة ، فقال لها : أبكر أم ثيب ؟ فقالت له : قرب طب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية