الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( nindex.php?page=treesubj&link=3977الأضحية سنة ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=28315كان يضحي بكبشين } ، قال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : وأنا أضحي بهما ، وليست بواجبة ، لما روي أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يرى ذلك واجبا ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بلفظه ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا ولفظه عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=21259ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ، ذبحهما بيده ، وسمى وكبر ووضع رجله على صفحاتهما } ولم يذكر قول nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ( وأنا أضحي بكبشين ) وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وأما الأثر المذكور عن أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر رضي الله عنهما فرواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره بإسناد حسن .
( أما الأحكام ) فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : التضحية سنة مؤكدة ، وشعار طاهر ينبغي للقادر عليها المحافظة عليها ، ولا تجب بأصل الشرع ، لما ذكره المصنف ، ولأن الأصل عدم الوجوب فإن نذرها لزمته كسائر الطاعات ، ولو اشترى بدنة أو شاة تصلح للتضحية بنية التضحية أو الهدي لم تصر بمجرد الشراء ضحية ولا هديا ، هذا هو الصواب الذي قطع به الأصحاب في كل الطرق . وفي تتمة التتمة وجه ، : أنها تصير ، قال الرافعي : [ ص: 353 ] هذا الوجه حصل عن غفلة ، وإنما هذا الوجه فيما إذا نوى في دوام الملك كما سنذكره إن شاء الله تعالى . قال الروياني لو nindex.php?page=treesubj&link=4098_4177_4201قال : إن اشتريت شاة فلله علي أن أجعلها ضحية فهو نذر مضمون في الذمة ، فإذا اشترى شاة فعليه أن يجعلها ضحية ، ولا تصير بمجرد الشراء ضحية ، فلو nindex.php?page=treesubj&link=4098_3979_3980_3984_3981_3679عين فقال : إن اشتريت هذه الشاة فلله علي أن أجعلها ضحية فوجهان ( أحدهما ) لا يلزمه جعلها ضحية تغليبا لحكم التعيين ، فإنه التزمها قبل الملك ، والالتزام قبل الملك لغو ، كما لو علق طلاقا أو عتقا ( والثاني ) يلزمه تغليبا للنذر والأول أقيس ، .
( فرع ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - في كتاب الضحايا من البويطي : الأضحية سنة على كل من وجد السبيل من المسلمين من أهل المدائن والقرى وأهل السفر والحضر ، والحج بمنى وغيرهم من كان معه هدي ومن لم يكن معه هدي . هذا نصه بحروفه نقلته من نفس البويطي . وهذا هو الصواب أن التضحية سنة للحاج بمنى كما هو سنة في حق غيره . وأما قول العبدري : الأضحية سنة مؤكدة على كل من قدر عليها من المسلمين من أهل الأمصار والقرى والمسافرين إلا الحاجمنى ، فإنه لا أضحية في حقه ، لأن ما ينحر بمنى يكون هديا لا أضحية كما لا يخاطب بصلاة العيد بمنى من أجل حجه ، فهذا الذي استثناه العبدري شاذ باطل مردود مخالف لنص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الذي ذكرناه بل مخالف لظاهر الأحاديث ، وقد صرح القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في جامعه وغيره من أصحابنا بأن أهل منى كغيرهم في الأضحية كما نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقد ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=21263ضحى في منى عن نسائه بالبقر } والله أعلم .
( فرع ) قال أصحابنا : التضحية سنة على الكفاية في حق أهل البيت الواحد فإذا ضحى أحدهم حصل سنة التضحية في حقهم . قال [ ص: 354 ] الرافعي : الشاة الواحدة لا يضحى بها إلا عن واحد ، لكن إذا ضحى بها واحد من أهل بيت تأتى الشعار والسنة لجميعهم ، قال وعلى هذا حمل ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=21259ضحى بكبشين قال : اللهم تقبل من محمد وآل محمد } قال وكما أن الفرض ينقسم إلى فرض عين وفرض كفاية ، ذكر الأصحاب أن الضحية كذلك ، وأن التضحية مسنونة لكل أهل بيت . هذا كلام الرافعي . وقد حمل جماعة الحديث المذكور على الإشراك في الثواب ، وممن ذكر هذا صاحب العدة والشيخ إبراهيم المروروذي ، ومما يشبه قول الأصحاب : ، إن الأضحية سنة على الكفاية - قولهم : الابتداء بالسلام سنة على الكفاية ، وكذا تشميت العاطس ، وقد سبق بيان الجميع في أحكام السلام عقب باب هيئة الجمعة والله أعلم ومما يستدل به ، لكون التضحية سنة على الكفاية الحديث الصحيح في الموطإ . قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك عن عمارة بن عبد الله بن الصياد أن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار أخبره أن nindex.php?page=showalam&ids=50أبا أيوب الأنصاري أخبره قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37860كنا نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه ، وعن أهل بيته ، ثم تباهى الناس بعد فصارت مباهاة } هذا حديث صحيح ، والصحيح أن هذه الصيغة تقتضي أنه حديث مرفوع ، وقد سبق إيضاحها في مقدمة هذا الشرح . وقد اتفقوا على توثيق هؤلاء الرواة ، وعبد الله والد عمارة هذا ، قالوا : هو ابن الصياد الذي قيل إنه الدجال .
( فرع ) في nindex.php?page=treesubj&link=3977_3981_3980_3984مذاهب العلماء في الأضحية . ذكرنا أن مذهبنا أنها سنة مؤكدة في حق الموسر ولا تجب عليه ، وبهذا قال أكثر العلماء ، وممن قال به nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=115وبلال nindex.php?page=showalam&ids=91وأبو مسعود البدري nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16588وعلقمة والأسود nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر [ ص: 355 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة والأوزاعي : واجبة على الموسر إلا الحاج ، بمنى . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن : هي واجبة على المقيم بالأمصار ، والمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه إنما يوجبها على مقيم يملك نصابا . واحتج لمن أوجبها " بأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى " وقال الله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } وبحديث أبي رملة بن مخنف - بكسر الميم وإسكان الخاء وفتح النون - قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=25837قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن وقوف معه بعرفات يا أيها الناس إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة أتدرون ما العتيرة ؟ هذه التي يقول الناس الرجبية } رواه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي وغيرهم ، قال الترمذي حديث حسن ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : هذا الحديث ضعيف المخرج لأن أبا رملة مجهول . وعن جندب بن عبد الله بن سفيان رضي الله عنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=36364صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ثم خطب ثم ذبح وقال : من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها باسم الله } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وموضع الدلالة أنه أمر والأمر للوجوب وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=25824من وجد سعة لأن يضحي فلم يضح فلا يحضر مصلانا } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره وهو ضعيف " قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن الترمذي الصحيح أنه موقوف على nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=25794ما أنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم عيد } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وقال : تفرد به محمد بن ربيعة عن إبراهيم بن يزيد الخوزي وليسا بقويين . وعن عائذ الله المجاشعي عن أبي داود نفيع عن [ ص: 356 ] nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=34815ما هذه الأضاحي ؟ قال سنة : أبيكم إبراهيم صلى الله عليه وسلم قالوا : ما لنا فيها من الأجر ؟ قال : بكل قطرة حسنة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : عائذ الله المجاشعي عن أبي داود لا يصح حديثه ، وأبو داود هذا أيضا ضعيف . وعن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=25827نسخ الأضحى كل ذبح ، وصوم رمضان كل صوم ، والغسل من الجنابة كل غسل والزكاة كل صدقة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي قالا : وهو ضعيف واتفق الحفاظ على ضعفه . وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت { nindex.php?page=hadith&LINKID=26796قلت : يا رسول الله أستدين وأضحي ؟ قال : نعم فإنه دين مقضي } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي وضعفاه ، قالا : وهو مرسل . واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب بحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=9945إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره شيئا } وفي رواية { nindex.php?page=hadith&LINKID=9936إذا دخل العشر وعند أحدكم أضحية فلا يأخذن شعرا ولا يقلمن ظفرا } وفي رواية { nindex.php?page=hadith&LINKID=10042إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك من شعره وأظفاره } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بكل هذه الألفاظ " قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هذا دليل أن التضحية ليست بواجبة " وأراد " فجعله مفوضا إلى إرادته ولو كانت واجبة لقال : صلى الله عليه وسلم لقوله فلا يمس من شعره حتى يضحي . واستدل أصحابنا أيضا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=17132ثلاث هن علي فرائض ، وهن لكم تطوع ، النحر والوتر وركعتا الضحى } رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناد ضعيف ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا في كتابه الخلافيات ، وصرح بضعفه . وصح عن nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر رضي الله عنهما " أنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يعتقد الناس وجوبها " وقد سبق بيانه ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بأسانيد أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=91وأبي مسعود البدري . [ ص: 357 ] قال أصحابنا : ولأن التضحية لو كانت واجبة لم تسقط بفوات إلى غير بدل كالجمعة وسائر الواجبات ، ووافقنا الحنفية على أنها إذا فاتت لا يجب قضاؤها . وأما الجواب عن دلائلهم مما كان منها ضعيفا لا حجة فيه ، وما كان صحيحا فمحمول على الاستحباب ، جمعا بين الأدلة ، والله أعلم