قال المصنف رحمه الله تعالى ( إذا فالحكم فيها كالحكم في الهدي المنذور في ركوبها وولدها ولبنها وجز صوفها وتلفها وإتلافها ، وذبحها ونقصانها بالعيب ، وقد بينا ذلك في باب الهدي فأغنى عن الإعادة وبالله التوفيق ) . نذر أضحية بعينها
التالي
السابق
( الشرح ) هذا كما قاله ، والله أعلم ( فرع ) في مسائل تتعلق بالباب .
( إحداها ) في وغيرها ، وقد جمعها تعيين الأضحية الرافعي ملخصة فأحسن جمعها فقال : قد قدمنا أن النية شرط في التضحية ، وأن الشاة إذا جعلها ضحية هل يكفيه ذلك عن تجديد النية عند الذبح ؟ فيه وجهان ( الأصح ) لا يكفيه ، فإن قلنا : يكفيه استحب التجديد ، ومتى كان في ملكه بدنة أو شاة فقال : جعلت هذه ضحية أو هذه ضحية أو على أن أضحي بها ، صارت ضحية معينة . وكذا لو قال : جعلت هذه هديا أو هذا هدي ، أو على أن أهدي هذا صار هديا ، وشرط بعض الأصحاب أن يقول مع ذلك : لله تعالى ، والمذهب أنه ليس بشرط ، وقد صرح الأصحاب بزوال الملك عن الهدي والأضحية المعينين ، كما سيأتي تفريعه إن شاء تعالى . وكذا لو نذر أن يتصدق بمال بعينه زال ملكه عنه ، بخلاف ما لو نذر إعتاق عبد بعينه لا يزول ملكه عنه ما لم يعتقه . ; لأن الملك في الهدي والأضحية والمال المعين ينتقل إلى المساكين وفي العقد لا ينتقل الملك إليه بل ينفك عن الملك بالكلية . أما فقولان [ ص: 402 ] الصحيح ) الجديد أنها لا تصير ضحية . إذا نوى جعل هذه الشاة هديا أو أضحية ولم يتلفظ بشيء
قال في القديم : تصير ، واختاره ابن سريج والإصطخري ، وعلى هذا فيما يصير به هديا وأضحية أوجه ( أحدها ) بمجرد النية كما يدخل في الصوم بالنية ، وبهذا قال ابن سريج ( والثاني ) بالنية والتقليد أو الإشعار لتنضم الدلالة الظاهرة إلى النية . قاله الإصطخري ( والثالث ) بالنية والذبح ; لأنه المقصود كالقبض بالنية ( والرابع ) بالنية والسوق إلى المذبح . ولو أو قال : لله علي أن أضحي بها عما في ذمتي ، ففي تعينها وجهان ( أصحهما ) التعين ، وبه قطع الأكثرون . وحكى لزمه هدي أو ضحية بالنذر فقال : عينت هذه الشاة عن نذري أو جعلتها عن نذري إمام الحرمين هذا الخلاف في صور رتب بعضها على بعض فلنوردها بزوائد . فلو قال ابتداء : علي التضحية بهذه الشاة لزمه التضحية قطعا وتتعين تلك الشاة على الصحيح . ولو قال : علي أن أعتق هذا العبد لزمه العتق . وفي تعين هذا العبد وجهان مرتبان على الخلاف في مثل هذه الصورة من الأضحية . والعبد أولى بالتعين ; لأنه ذو حق في العتق بخلاف الأضحية . ولو كان نذر إعتاق عبد ثم عين عبدا عما التزمه ، فالخلاف مرتب على الخلاف في مثله في الأضحية . ولو قال : جعلت هذا العبد عتيقا لم يخف حكمه . ولو قال : جعلت هذا المال أو هذه الدراهم صدقة تعينت على الأصح كشاة الأضحية ( وعلى الثاني ) لا ، إذ لا فائدة في تعيين الدراهم لتساويها بخلاف الشاة . ولو قال : عينت هذه الدراهم عما في ذمتي من زكاة أو نذر لغي التعيين باتفاق الأصحاب . كذا نقله إمام الحرمين ; لأن التعيين في الدراهم ضعيف ، وتعين ما في الذمة ضعيف ، [ ص: 403 ] فيجتمع سببا ضعف ، قال : وقد يفاد من تعيين الدراهم لديون الآدميين قال : ولا تخلو الصورة من احتمال ، والله أعلم . .
( إحداها ) في وغيرها ، وقد جمعها تعيين الأضحية الرافعي ملخصة فأحسن جمعها فقال : قد قدمنا أن النية شرط في التضحية ، وأن الشاة إذا جعلها ضحية هل يكفيه ذلك عن تجديد النية عند الذبح ؟ فيه وجهان ( الأصح ) لا يكفيه ، فإن قلنا : يكفيه استحب التجديد ، ومتى كان في ملكه بدنة أو شاة فقال : جعلت هذه ضحية أو هذه ضحية أو على أن أضحي بها ، صارت ضحية معينة . وكذا لو قال : جعلت هذه هديا أو هذا هدي ، أو على أن أهدي هذا صار هديا ، وشرط بعض الأصحاب أن يقول مع ذلك : لله تعالى ، والمذهب أنه ليس بشرط ، وقد صرح الأصحاب بزوال الملك عن الهدي والأضحية المعينين ، كما سيأتي تفريعه إن شاء تعالى . وكذا لو نذر أن يتصدق بمال بعينه زال ملكه عنه ، بخلاف ما لو نذر إعتاق عبد بعينه لا يزول ملكه عنه ما لم يعتقه . ; لأن الملك في الهدي والأضحية والمال المعين ينتقل إلى المساكين وفي العقد لا ينتقل الملك إليه بل ينفك عن الملك بالكلية . أما فقولان [ ص: 402 ] الصحيح ) الجديد أنها لا تصير ضحية . إذا نوى جعل هذه الشاة هديا أو أضحية ولم يتلفظ بشيء
قال في القديم : تصير ، واختاره ابن سريج والإصطخري ، وعلى هذا فيما يصير به هديا وأضحية أوجه ( أحدها ) بمجرد النية كما يدخل في الصوم بالنية ، وبهذا قال ابن سريج ( والثاني ) بالنية والتقليد أو الإشعار لتنضم الدلالة الظاهرة إلى النية . قاله الإصطخري ( والثالث ) بالنية والذبح ; لأنه المقصود كالقبض بالنية ( والرابع ) بالنية والسوق إلى المذبح . ولو أو قال : لله علي أن أضحي بها عما في ذمتي ، ففي تعينها وجهان ( أصحهما ) التعين ، وبه قطع الأكثرون . وحكى لزمه هدي أو ضحية بالنذر فقال : عينت هذه الشاة عن نذري أو جعلتها عن نذري إمام الحرمين هذا الخلاف في صور رتب بعضها على بعض فلنوردها بزوائد . فلو قال ابتداء : علي التضحية بهذه الشاة لزمه التضحية قطعا وتتعين تلك الشاة على الصحيح . ولو قال : علي أن أعتق هذا العبد لزمه العتق . وفي تعين هذا العبد وجهان مرتبان على الخلاف في مثل هذه الصورة من الأضحية . والعبد أولى بالتعين ; لأنه ذو حق في العتق بخلاف الأضحية . ولو كان نذر إعتاق عبد ثم عين عبدا عما التزمه ، فالخلاف مرتب على الخلاف في مثله في الأضحية . ولو قال : جعلت هذا العبد عتيقا لم يخف حكمه . ولو قال : جعلت هذا المال أو هذه الدراهم صدقة تعينت على الأصح كشاة الأضحية ( وعلى الثاني ) لا ، إذ لا فائدة في تعيين الدراهم لتساويها بخلاف الشاة . ولو قال : عينت هذه الدراهم عما في ذمتي من زكاة أو نذر لغي التعيين باتفاق الأصحاب . كذا نقله إمام الحرمين ; لأن التعيين في الدراهم ضعيف ، وتعين ما في الذمة ضعيف ، [ ص: 403 ] فيجتمع سببا ضعف ، قال : وقد يفاد من تعيين الدراهم لديون الآدميين قال : ولا تخلو الصورة من احتمال ، والله أعلم . .
( المسألة الثانية ) في جواز وجهان حكاهما الصرف من الأضحية إلى المكاتب الدارمي والرافعي ( أحدهما ) يجوز كالزكاة ، وهذا هو الصحيح ، ولا يجوز صرف شيء منها إلى عبد إلا أن يجعله رسولا به إلى سيده هدية ، ذكره الدارمي .
( الثالثة ) قال الروياني : قال : أبو إسحاق عصى . ويلزمه القضاء كمن أخر الصلاة . . من نذر الأضحية في عام فأخر
( الرابعة ) استحب أن يفرقه على أيام الذبح ، فإن كان شاتين ذبح شاة في اليوم الأول وأخرى في آخر الأيام ، وهذا الذي قاله - وإن كان أرفق بالمساكين - فهو ضعيف مخالف للسنة الصحيحة ، فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة : { من ضحى بعدد من الماشية رضي الله عنه بنحر تمام المائة عليا } فالسنة التعجيل والمسارعة إلى الخيرات والمبادأة بالصالحات إلا ما ثبت خلافه ، والله أعلم . . أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر مائة بدنة أهداها في يوم واحد - وهو يوم النحر - فنحر بيده بضعا وستين ، وأمر
( الخامسة ) موضع المضحي ، سواء كان بلده أو موضعه من السفر ، بخلاف الهدي ، فإنه يختص محل التضحية بالحرم ، وفي نقل الأضحية وجهان حكاهما الرافعي وغيره تخريجا من نقل الزكاة .
( السادسة ) الأفضل . هكذا قاله أصحابنا . وذكر أن يضحي في داره بمشهد أهله الماوردي أنه يختار للإمام أن يضحي للمسلمين كافة من بيت المال ببدنة في المصلى . فإن لم تتيسر فشاة ، وأنه ينحرها بنفسه . [ ص: 404 ] وإن ضحى من ماله ضحى حيث شاء . هذا كلامه . وقد ثبت في صحيح عن البخاري قال { ابن عمر } . . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذبح وينحر بالمصلى
( السابعة ) مذهبنا أن ، للأحاديث الصحيحة المشهورة في فضل الأضحية ولأنها مختلف في وجوبها بخلاف صدقة التطوع ولأن التضحية شعار ظاهر . وممن قال بهذا من السلف الأضحية أفضل من صدقة التطوع شيخ ربيعة مالك وأبو الضحاك . وقال وأبو حنيفة بلال والشعبي ومالك : الصدقة أفضل من الأضحية . حكاه عنهم وأبو ثور . ابن المنذر
( الثامنة ) مذهبنا أنه ; لأنه مأمور بالاحتياط لمالهما ممنوع من التبرع به ، والأضحية تبرع . قال لا يجوز لولي اليتيم والسفيه أن يضحي عن الصبي والسفيه من مالهما : يضحي من مال اليتيم والسفيه . وقال أبو حنيفة : يضحي عنه إن كان له ثلاثون دينارا بشاة بنصف دينار ونحوه . دليلنا ما سبق . وأنكر مالك على ابن المنذر فقال : يمنع إخراج الزكاة التي فرضها الله تعالى من مال اليتيم ويأمر بإخراج الأضحية التي ليست بفرض . والله أعلم . . أبي حنيفة
( التاسعة ) قال : أجمعت الأمة على جواز إطعام فقراء المسلمين من الأضحية ، واختلفوا في ابن المنذر أهل الذمة ، فرخص فيه إطعام فقراء الحسن البصري وأبو حنيفة ، وقال وأبو ثور : غيرهم أحب إلينا . وكره مالك أيضا إعطاء النصراني جلد الأضحية أو شيئا من لحمها ، وكرهه مالك ، قال : فإن طبخ لحمها فلا بأس بأكل الذمي مع المسلمين منه ، هذا كلام الليث ، ولم أر لأصحابنا كلاما فيه ، ومقتضى المذهب أنه يجوز إطعامهم من أضحية التطوع دون الواجبة والله تعالى أعلم . . ابن المنذر
( العاشرة ) ملكها ولا تصير أضحية [ ص: 405 ] بمجرد النية ، بل لا يلزمه ذبحها حتى ينذره بالقول . هذا مذهبنا وبه قال إذا اشترى شاة ونواها أضحية أحمد . وقال وداود أبو حنيفة : تصير أضحية ويلزمه التضحية بمجرد النية . دليلنا القياس على من اشترى عبدا بنية أن يعتقه . فإنه لا يعتق بمجرد النية . . ومالك
( الحادية عشرة ) يستحب كالحاضر هذا مذهبنا وبه قال جماهير العلماء . وقال التضحية للمسافر : لا أضحية على المسافر . وروى هذا عن أبو حنيفة رضي الله عنه وعن علي وقال النخعي وجماعة : لا تشرع للمسافر مالك بمنى ومكة . دليلنا حديث { عائشة بمنى في حجة الوداع } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه البخاري . وعن ومسلم قال : { ثوبان أصلح لحم هذه فلم أزل أطعمه منها حتى قدم ثوبان المدينة } رواه ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحيته ، ثم قال : يا . مسلم