الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2674 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=16055سمي عن nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه nindex.php?page=hadith&LINKID=652617أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=treesubj&link=32168_25562_25565الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله
[ ص: 51 ]
[ ص: 51 ] قوله : ( باب nindex.php?page=treesubj&link=25562الشهادة سبع سوى القتل ) اختلف في nindex.php?page=treesubj&link=25560سبب تسمية الشهيد شهيدا ، فقال النضر بن شميل : لأنه حي فكأن أرواحهم شاهدة أي حاضرة . وقال ابن الأنباري : لأن الله وملائكته يشهدون له بالجنة . وقيل لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد له من الكرامة . وقيل : لأنه يشهد له بالأمان من النار . وقيل لأن عليه شاهدا بكونه شهيدا . وقيل لأنه لا يشهده عند موته إلا ملائكة الرحمة . وقيل لأنه الذي يشهد يوم القيامة بإبلاغ الرسل .
وقيل : لأن الملائكة تشهد له بحسن الخاتمة .
وقيل : لأن الأنبياء تشهد له بحسن الاتباع .
وقيل : لأن الله يشهد له بحسن نيته وإخلاصه .
وقيل : لأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره .
وقيل : لأنه يشاهد الملكوت من دار الدنيا ، ودار الآخرة .
وقيل لأنه مشهود له بالأمان من النار .
وقيل لأن عليه علامة شاهدة بأنه قد نجا . وبعض هذه يختص بمن قتل في سبيل الله ، وبعضها يعم غيره ، وبعضها قد ينازع فيه . وهذه الترجمة لفظ حديث أخرجه مالك من رواية جابر بن عتيك بفتح المهملة وكسر المثناة بعدها تحتانية ساكنة ثم كاف " أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء يعودعبد الله بن ثابت " فذكر الحديث وفيه " nindex.php?page=hadith&LINKID=888387ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا : من يقتل في سبيل الله " وفيه " nindex.php?page=hadith&LINKID=888388الشهداء سبعة " سوى القتل في سبيل الله ، فذكر زيادة على حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الحريق ، وصاحب ذات الجنب ، والمرأة تموت بجمع . وتوارد مع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في المبطون والمطعون والغريق وصاحب الهدم ، فأما صاحب ذات الجنب فهو مرض معروف ويقال له الشوصة ، وأما المرأة تموت بجمع فهو بضم الجيم وسكون الميم ، وقد تفتح الجيم وتكسر أيضا وهي النفساء ; وقيل التي يموت ولدها في بطنها ثم تموت بسبب ذلك ، وقيل التي تموت بمزدلفة وهو خطأ ظاهر ، وقيل التي تموت عذراء والأول أشهر .
قلت : حديث جابر بن عتيك أخرجه أيضا أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ، وقد روى مسلم من طريق أبي صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة شاهدا لحديث جابر بن عتيك ولفظه " nindex.php?page=hadith&LINKID=888389ما تعدون الشهداء فيكم " وزاد فيه ونقص . فمن زيادته " nindex.php?page=hadith&LINKID=888390ومن مات في سبيل الله فهو شهيد " nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد من حديث عبادة بن الصامت نحو حديث جابر بن عتيك ولفظه " nindex.php?page=hadith&LINKID=888391وفي النفساء يقتلها ولدها جمعا شهادة " وله من حديث راشد بن حبيش نحوه وفيه " والسل " وهو بكسر المهملة وتشديد اللام ، nindex.php?page=showalam&ids=15397وللنسائي من حديث عقبة بن عامر " nindex.php?page=hadith&LINKID=888392خمس من قبض فيهن فهو شهيد " فذكر فيهم النفساء وروى أصحاب السنن وصححه الترمذي من حديث ابن زيد مرفوعا " nindex.php?page=hadith&LINKID=888393من قتل دون ماله فهو شهيد " وقال في الدين والدم والأهل مثل ذلك ، nindex.php?page=showalam&ids=15397وللنسائي من حديث سويد بن مقرن مرفوعا " nindex.php?page=hadith&LINKID=888394من قتل دون مظلمته فهو شهيد " قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي الترجمة مخالفة للحديث . وقال ابن بطال : لا تخرج هذه الترجمة من الحديث أصلا ، وهذا يدل على أنه مات قبل أن يهذب كتابه . وأجاب ابن المنير بأن ظاهر كلام ابن بطال أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أراد أن يدخل حديث جابر بن عتيك فأعجلته المنية عن ذلك ، وفيه نظر ، قال : ويحتمل أن يكون أراد التنبيه على أن الشهادة لا تنحصر في القتل بل لها أسباب أخر وتلك الأسباب اختلفت [ ص: 52 ] الأحاديث في عددها ففي بعضها خمسة وفي بعضها سبعة ، والذي وافق شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الخمسة فنبه بترجمة على أن العدد الوارد ليس على معنى التحديد انتهى .
وقال بعض المتأخرين يحتمل أن يكون بعض الرواة - يعني رواة الخمسة - نسي الباقي . قلت : وهو احتمال بعيد ، لكن يقربه ما تقدم من الزيادة في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند مسلم ، وكذا وقع لأحمد من وجه آخر عنه " nindex.php?page=hadith&LINKID=888395والمجنوب شهيد " يعني صاحب ذات الجنب ، والذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم أعلم بالأقل ثم أعلم زيادة على ذلك فذكرها في وقت آخر ولم يقصد الحصر في شيء من ذلك .
وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة ، فإن مجموع ما قدمته مما اشتملت عليه الأحاديث التي ذكرتها أربع عشرة خصلة ، وتقدم في " باب من ينكب في سبيل الله " حديث أبي مالك الأشعري مرفوعا " nindex.php?page=hadith&LINKID=888396من وقصه فرسه أو بعيره أو لدغته هامة أو مات على فراشه على أي حتف شاء الله تعالى فهو شهيد " وصحح nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث ابن عمر " nindex.php?page=hadith&LINKID=888397موت الغريب شهادة " nindex.php?page=showalam&ids=13053ولابن حبان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=888398من مات مرابطا مات شهيدا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=14687وللطبراني من حديث ابن عباس مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=888399المرء يموت على فراشه في سبيل الله شهيد وقال ذلك أيضا في المبطون واللديغ والغريق والشريق والذي يفترسه السبع والخار عن دابته وصاحب الهدم وذات الجنب ، ولأبي داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11471أم حرام " nindex.php?page=hadith&LINKID=888400المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد " ، وقد تقدمت أحاديث فيمن طلب الشهادة بنية صادقة أنه يكتب شهيدا في " باب تمني الشهادة " ويأتي في كتاب الطب حديث فيمن صبر في الطاعون أنه شهيد ، وتقدم حديث عقبة بن عامر فيمن صرعته دابته وأنه عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني . وعنده من حديث ابن مسعود بإسناد صحيح " nindex.php?page=hadith&LINKID=888401أن من يتردى من رءوس الجبال وتأكله السباع ويغرق في البحار لشهيد عند الله " ووردت أحاديث أخرى في أمور أخرى لم أعرج عليها لضعفها ، قال ابن التين : هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء . قلت : والذي يظهر أن المذكورين ليسوا في المرتبة سواء ، ويدل عليه ما روى أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه من حديث جابر والدارمي وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي من حديث عبد الله بن حبشي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عنبسة nindex.php?page=hadith&LINKID=888402أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الجهاد أفضل ؟ قال : من عقر جواده وأهريق دمه وروى الحسن بن علي الحلواني في " كتاب المعرفة " له بإسناد حسن من حديث ابن أبي طالب قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=888403كل موتة يموت بها المسلم فهو شهيد " غير أن الشهادة تتفاضل وسيأتي شرح كثير من هذه الأمراض المذكورة في كتاب الطب ، وكذا الكلام على حديث أنس في الطاعون إن شاء الله تعالى . ويتحصل مما ذكر في هذه الأحاديث أن nindex.php?page=treesubj&link=25564_25565الشهداء قسمان : شهيد الدنيا ، وشهيد الآخرة وهو من يقتل في حرب الكفار مقبلا غير مدبر مخلصا . وشهيد الآخرة وهو من ذكر ، بمعنى أنهم يعطون من جنس أجر الشهداء ولا تجري عليهم أحكامهم في الدنيا .
وفي حديث العرباض بن سارية عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد من حديث عتبة بن عبد نحوه مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=888404يختصم الشهداء والمتوفون على الفراش في الذين يتوفون من الطاعون فيقول : انظروا إلى جراحهم ، فإن أشبهت جراح المقتولين فإنهم معهم ومنهم ، فإذا جراحهم قد أشبهت جراحهم وإذا تقرر ذلك فيكون إطلاق الشهداء على غير المقتول في سبيل الله مجازا ، فيحتج به من يجيز استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، والمانع يجيب بأنه من عموم المجاز فقد يطلق الشهيد على من قتل في حرب الكفار لكن لا يكون له ذلك في حكم الآخرة لعارض يمنعه كالانهزام وفساد النية والله أعلم .
[ ص: 53 ] قوله : ( الشهداء خمسة - ثم قال - والشهيد في سبيل الله ) قال الطيبي : يلزم منه حمل الشيء على نفسه لأن قوله : خمسة " خبر للمبتدإ والمعدود بعده بيان له ، وأجاب بأنه من باب قول الشاعر
أنا أبو النجم وشعري شعري
. ويحتمل أن يكون المراد بالشهيد في سبيل الله المقتول ، فكأنه قال والمقتول فعبر عنه بالشهيد ، ويؤيده قوله في رواية جابر بن عتيك " nindex.php?page=hadith&LINKID=888388الشهداء سبعة سوى القتيل في سبيل الله " ويجوز أن يكون الشهيد مكررا في كل واحد منها فيكون من التفصيل بعد الإجمال والتقدير الشهداء خمسة الشهيد كذا والشهيد كذا إلى آخره .