الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين . صرح تعالى في هذه الآية الكريمة أنه حفظ السماء من كل شيطان رجيم ، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله : وحفظا من كل شيطان مارد [ 37 \ 7 ] وقوله : وجعلناها رجوما للشياطين [ 67 \ 5 ] وقوله : فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا [ 72 \ 9 ] وقوله : إنهم عن السمع لمعزولون [ 26 \ 212 ] وقوله : [ ص: 257 ] أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين [ 52 \ 38 ] إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      والاستثناء في هذه الآية الكريمة في قوله : إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين [ 15 \ 18 ] . قال بعض العلماء : هو استثناء منقطع ، وجزم به الفخر الرازي ، أي لكن من استرق السمع أي الخطفة اليسيرة ، فإنه يتبعه شهاب فيحرقه كقوله تعالى : ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب [ 37 \ 8 - 10 ] وقيل : الاستثناء متصل ، أي حفظنا السماء من الشياطين أن تسمع شيئا من الوحي وغيره ، إلا من استرق السمع ، فإنا لم نحفظها من أن تسمع لخبر من أخبار السماء سوى الوحي ، فأما الوحي فلا تسمع منه شيئا ; لقوله تعالى : إنهم عن السمع لمعزولون [ 26 \ 212 ] قاله القرطبي ، ونظيره إلا من خطف الآية [ 37 \ 10 ] فإنه استثناء من الواو في قوله تعالى : لا يسمعون إلى الملإ الآية [ 37 \ 8 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية