الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8030 ) مسألة ; قال ( وإن شاء كسا عشرة مساكين ; للرجل ثوب يجزئه أن يصلي فيه ، وللمرأة درع وخمار ) لا خلاف في أن الكسوة أحد أصناف كفارة اليمين لنص الله - تعالى - عليها في كتابه بقوله تعالى : { أو كسوتهم } .

                                                                                                                                            ولا تدخل في كفارة غير كفارة اليمين ، ولا يجزئه أقل من كسوة عشرة ; لقول الله - تعالى : { فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم } . وتتقدر الكسوة بما يجزئ الصلاة فيه ; فإن كان رجلا ، فثوب تجزئه الصلاة فيه ، وإن كانت امرأة ، فدرع وخمار .

                                                                                                                                            وبهذا قال مالك . وممن قال : لا يجزئه السراويل . الأوزاعي ، وأبو يوسف . وقال إبراهيم : ثوب جامع وقال الحسن : كل مسكين حلة ; إزار ورداء . وقال ابن عمر ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأصحاب الرأي : يجزئه ثوب ثوب . ولم يفرقوا بين الرجل والمرأة وحكي عن الحسن قال : يجزئ العمامة . وقال سعيد بن المسيب عباءة وعمامة .

                                                                                                                                            وقال الشافعي : يجزئ أقل ما يقع عليه الاسم ، من سراويل ، أو إزار ، أو رداء ، أو مقنعة ، أو عمامة ، وفي القلنسوة وجهان . واحتجوا بأن ذلك يقع عليه اسم الكسوة ، فأجزأ ، كالذي تجوز الصلاة فيه .

                                                                                                                                            ولنا ، أن الكسوة أحد أنواع الكفارة ، فلم يجز فيه ما يقع عليه الاسم ، كالإطعام والإعتاق ، ولأن التكفير عبادة تعتبر [ ص: 9 ] فيها الكسوة ، فلم يجز فيها أقل مما ذكرناه ، كالصلاة ، ولأنه مصروف إلى المساكين في الكفارة ، فيتقدر ، كالإطعام ، ولأن اللابس ما لا يستر عورته إنما يسمى عريانا ، ولا مكتسيا ، وكذلك لابس السراويل وحده ، أو مئزر ، يسمى عريانا ، فلا يجزئه ; لقول الله - تعالى { أو كسوتهم } إذا ثبت هذا ، فإنه إذا كسا امرأة ، أعطاها درعا وخمارا ; لأنه أقل ما يستر عورتها ، وتجزئها الصلاة فيه وإن ، أعطاها ثوبا واسعا ، يمكنها أن تستر به بدنها ورأسها ، أجزأه ذلك .

                                                                                                                                            وإن كسا الرجل أجزأه قميص ، أو ثوب يمكنه أن يستر به عورته ، ويجعل على عاتقه منه شيئا ، أو ثوبين يأتزر بأحدهما ، ويرتدي بالآخر . ولا يجزئه مئزر وحده ; ولا سروال وحده ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يصلي أحدكم في ثوب واحد ، ليس على عاتقه منه شيء . }

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية