الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      تفسير ما يجوز منه الأكل من الهدي والهدي الذي يكون مضمونا قلت لابن القاسم : أرأيت الهدي الذي يكون مضمونا ، أي هدي هو عند مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : الهدي الذي إذا هلك أو عطب أو استحق ، كان عليه أن يبدله فهذا مضمون ، قلت : فإن لم يعطب ولم يستحق حتى نحره أيأكل منه في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم يأكل منه . قال : وقال مالك : يؤكل من الهدي كله إلا فدية الأذى ، وجزاء الصيد وما نذره للمساكين .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : يأكل من هديه الذي ساقه لفساد حجه أو لفوات حجه ، أو هدي تمتع أو تطوع ومن الهدي كله إلا ما سميت لك .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : قال مالك : كل هدي مضمون إن عطب فليأكل منه صاحبه وليطعم منه الأغنياء والفقراء ومن أحب ، ولا يبيع من لحمه ولا من جلده ولا من جلاله ولا من خطمه ولا من قلائده شيئا ، وإن أراد أن يستعين بذلك في ثمن بدنة من الهدي فلا يفعل ولا يبيع منه شيئا .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : ومن الهدي المضمون ما إن عطب قبل أن يبلغ محله جاز له أن يأكل منه ، وهو إن بلغ محله لم يكن له أن يأكل منه وهو جزاء الصيد وفدية الأذى ونذر المساكين ، فهو إذا عطب قبل [ ص: 411 ] أن يبلغ محله جاز لك أن تأكل منه لأن عليك بدله ، وإذا بلغ محله أجزأك عن الذي سقت له ، ولا يجزئك إن أكلت منه ويصير عليك البدل إذا أكلت منه .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : وما سقت من الهدي وهو مما لا يجوز في الهدي حين قلدته وأشعرته فلم يبلغ محله حتى صار مثله ، يجوز لو ابتدئ به مثل الأعرج البين العرج ، ومثل الدبرة العظيمة تكون به ، ومثل البين المرض ومثل الأعجف الذي لا ينقي ، وما أشبه هذا من العيوب التي لا تجوز فلم يبلغ محله حتى ذهب ذلك العيب عنه وصار صحيحا ، يجزئه لو ساقه أول ما ساقه بحاله هذه فإنه لا يجزئه وعليه البدل إن كان مضمونا .

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : وما ساق من الهدي مما مثله يجوز فلم يبلغ محله حتى أصابته هذه العيوب ، عرج أو عور أو مرض أو دبر أو عيب من العيوب التي لو كانت ابتداء به لم يجز في الهدي ، فإنه جائز عنه وليس عليه بدله .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : والضحايا ليست بهذه المنزلة ما أصابها من ذلك بعدما تشترى فإن على صاحبها بدلها .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية