الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون

                                                                                                                                                                                                "حلالا": مفعول كلوا، أو حال مما في الأرض "طيبا": طاهرا من كل شبهة ولا تتبعوا خطوات الشيطان : فتدخلوا في حرام، أو شبهة، أو تحريم حلال، أو تحليل حرام، و"من": للتبعيض; لأن كل ما في الأرض ليس بمأكول، وقرئ: (خطوات) بضمتين، و(خطوات) بضمة وسكون، و(خطؤات) بضمتين وهمزة، جعلت الضمة على الطاء [ ص: 356 ] كأنها على الواو، و(خطوات) بفتحتين، و(خطوات) بفتحة وسكون، و(الخطوة): المرة من الخطو، والخطوة: ما بين قدمي الخاطي، وهما كالغرفة والغرفة، والقبضة والقبضة، يقال: اتبع خطواته ووطئ على عقبه، إذا اقتدى به واستن بسنته.

                                                                                                                                                                                                "مبين": ظاهر العداوة لا خفاء به، إنما يأمركم : بيان لوجوب الانتهاء عن اتباعه وظهور عداوته، أي: لا يأمركم بخير قط إنما يأمركم "بالسوء": بالقبيح "والفحشاء": وما يتجاوز الحد في القبح من العظائم، وقيل: السوء ما لا حد فيه، والفحشاء: ما يجب الحد فيه، وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون : وهو قولكم: هذا حلال وهذا حرام، بغير علم، ويدخل فيه كل ما يضاف إلى الله تعالى مما لا يجوز عليه.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: كيف كان الشيطان آمرا مع قوله: ليس لك عليهم سلطان [الحجر: 42] قلت: شبه تزيينه وبعثه على الشر بأمر الآمر، كما تقول: أمرتني نفسي بكذا، وتحته رمز إلى أنكم منه بمنزلة المأمورين; لطاعتكم له وقبولكم وساوسه; ولذلك قال: ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله [النساء: 119] وقال الله تعالى: إن النفس لأمارة بالسوء [يوسف: 53] لما كان الإنسان يطيعها فيعطيها ما اشتهت.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية