الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 507 ] 16- باب: ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة مريم

ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: وأنذرهم يوم الحسرة زعم بعض المغفلين من ناقلي التفسير ، أن الإنذار منسوخ بآية السيف وهذا تلاعب من هؤلاء بالقرآن ، ومن أين يقع التنافي بين إنذارهم القيامة ، وبين قتالهم في الدنيا .

ذكر الآية الثانية: قوله تعالى: فسوف يلقون غيا زعم بعض الجهلة أنه منسوخ بالاستثناء بعده ، وقد بينا أن الاستثناء ليس بنسخ .

ذكر الآية الثالثة: قوله تعالى: وإن منكم إلا واردها [ ص: 508 ] زعم ذلك الجاهل أنها نسخت بقوله: ثم ننجي الذين اتقوا ، وهذا من أفحش الإقدام على الكلام في كتاب الله سبحانه بالجهل ، وهل بين الآيتين تناف ؟ ! فإن الأولى تثبت أن الكل يردونها ، والثانية تثبت أنه ينجو منهم من اتقى ، ثم هما خبران والأخبار لا تنسخ .

ذكر الآية الرابعة: قوله تعالى: قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا وزعم ذلك الجاهل ، أنها منسوخة بآية السيف ، وهذا باطل ، قال الزجاج : هذه الآية لفظها لفظ أمر ، ومعناها الخبر ، والمعنى: إن الله تعالى جعل جزاء ضلالته أن يتركه فيها ، وعلى هذا لا وجه للنسخ .

ذكر الآية الخامسة: قوله تعالى: فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا [ ص: 509 ] زعم بعض المفسرين: أنها منسوخة بآية السيف ، وهذا ليس بصحيح ، لأنه إن كان المعنى لا تعجل بطلب عذابهم الذي يكون في الآخرة ، فإن المعنى أن أعمارهم سريعة الفناء ، فلا وجه للنسخ ، وإن كان المعنى ، ولا تعجل بطلب قتالهم ، فإن هذه السورة نزلت بمكة ولم يؤمر حينئذ بالقتال ، فنهيه عن الاستعجال بطلب القتال واقع في موضعه ، ثم أمره بقتالهم بعد الهجرة لا ينافي النهي عن طلب القتال بمكة ، فكيف يتوجه النسخ ، فسبحان من قدر وجود قوم جهال يتلاعبون بالكلام في القرآن ، ويدعون نسخ ما ليس بمنسوخ ، وكل ذلك من سوء الفهم ، نعوذ بالله منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية