الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
90 - قوله: (ص): وهو أن يروي عن من لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه منه أو عمن عاصره ولم يلقه، موهما أنه قد لقيه وسمعه منه". انتهى.

وقوله: عمن عاصره ليس من التدليس في شيء، وإنما هو المرسل الخفي. كما سيأتي تحقيقه عند الكلام عليه.

وقد ذكر ابن القطان في أواخر البيان له تعريف التدليس بعبارة غير معترضة قال: "ونعني به أن يروي المحدث عمن [قد] سمع منه ما لم يسمعه منه من غير أن يذكر أنه سمعه منه. والفرق بينه وبين الإرسال هو: أن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه، ولما كان في هذا قد سمع منه جاءت روايته عنه بما لم يسمعه منه كأنها إيهام سماعه ذلك الشيء، فلذلك سمي تدليسا". انتهى.

[ ص: 615 ] وهو صريح في التفرقة بين التدليس والإرسال.

وأن التدليس مختص بالرواية عمن له عنه سماع، بخلاف الإرسال - والله أعلم.

وابن القطان في ذلك متابع لأبي بكر البزار .

وقد حكى شيخنا كلامهما ثم قال: "إن الذي ذكره المصنف في حد التدليس هو المشهور عن أهل الحديث، وأنه إنما حكى كلام البزار وابن القطان لئلا يغتر به" .

قلت: لا غرور هنا، بل كلامهما هو الصواب على ما يظهر لي في التفرقة بين التدليس والمرسل الخفي، وإن كانا مشتركين في الحكم.

هذا ما يقتضيه النظر.

وأما كون المشهور عن أهل الحديث خلاف ما قالاه ففيه نظر. فكلام الخطيب في باب التدليس من "الكفاية" يؤيد ما قاله ابن القطان .

قال الخطيب : "التدليس متضمن الإرسال لا محالة; لإمساك المدلس عن ذكر الواسطة، وإنما يفارق حال المرسل بإيهامه السماع ممن لم يسمعه قط وهو الموهن لأمره، فوجب كون التدليس متضمنا للإرسال والإرسال لا يتضمن التدليس لأنه لا يقتضي إيهام السماع ممن لم يسمعه منه .

ولهذا لم يذم العلماء من أرسل وذموا من دلس - والله أعلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية