الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 317 ] مجاهد عن ابن عمر

6177 - حدثنا محمد بن عمر بن هياج ، نا يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي ، نا عبيدة بن الأسود ، عن سنان بن الحارث ، عن طلحة بن مصرف ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : كنت قاعدا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد منى فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف فسلما ثم قالا : يا رسول الله ، جئنا نسألك فقال : إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت ، وإن شئتما أن أمسك وتسألاني فعلت .

فقالا : أخبرنا يا رسول الله ، فقال الثقفي للأنصاري : سل ، فقال : أخبرني يا رسول الله ، قال : جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه ، وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما ، وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه ، ووقوفك عشية عرفة وما لك فيه ، وعن رميك الجمار وما لك فيه ، وعن نحرك وما لك فيه ، وعن حلقك رأسك وما لك فيه ، وعن طوافك بالبيت بعد ذلك وما لك فيه مع الإفاضة ، فقال : والذي بعثك بالحق عن هذا جئت أسألك .

قال : فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام لا تضع ناقتك خفا ولا ترفعه إلا كتب الله لك به حسنة ، ومحا عنك خطيئة ، وأما ركعتاك بعد الطواف [ ص: 318 ] كعتق رقبة من بني إسماعيل ، وأما طوافك بالصفا والمروة بعد ذلك كعتق سبعين رقبة ، وأما وقوفك عشية عرفة ، فإن الله تبارك وتعالى يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة ، يقول : عبادي جاؤوني شعثا من كل فج عميق يرجون رحمتي ، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر لغفرها - أو لغفرتها - أفيضوا عبادي ، مغفور لكم ولمن شفعتم له ، وأما رميك الجمار فلك بكل حصاة رميتها كبيرة من الموبقات ، وأما نحرك فمذخور لك عند ربك ، وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة ، ويمحى عنك بها خطيئة ، وأما طوافك بالبيت بعد ذلك ، فإنك تطوف ولا ذنب لك ، يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك ، فيقول : اعمل فيما تستقبل فقد غفر لك ما مضى .


وهذا الكلام قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ، ولا نعلم له طريقا أحسن من هذا الطريق . وقد روى عطاف بن خالد ، عن إسماعيل بن رافع ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام . وحديث ابن عمر نحوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية