الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            وأما قوله تعالى : ( قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ) ففيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : تفسير الآية هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا غير خالصة لهم ؛ لأن المشركين شركاؤهم فيها خالصة يوم القيامة لا يشركهم فيها أحد .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قيل : هلا قيل للذين آمنوا ولغيرهم ؟

                                                                                                                                                                                                                                            قلنا : فهم منه التنبيه على أنها خلقت للذين آمنوا على طريق الأصالة ، وأن الكفرة تبع لهم ، كقوله تعالى : ( ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار ) ( البقرة : 126 ) والحاصل : إن ذلك تنبيه على أن هذه النعم إنما تصفو عن شوائب الرحمة يوم القيامة ، أما في الدنيا فإنها تكون مكدرة مشوبة .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 54 ] المسألة الثانية : قرأ نافع ( خالصة ) بالرفع ، والباقون بالنصب ، قال الزجاج : الرفع على أنه خبر بعد خبر ، كما تقول : زيد عاقل لبيب ، والمعنى : قل هي ثابتة للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة . قال أبو علي : ويجوز أن يكون قوله : (خالصة) خبر المبتدأ ، وقوله : ( للذين آمنوا ) متعلقا بـ (خالصة) . والتقدير : هي خالصة للذين آمنوا في الحياة الدنيا . وأما القراءة بالنصب ، فعلى الحال . والمعنى : أنها ثابتة للذين آمنوا في حال كونها خالصة لهم يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ) ومعنى تفصيل الآيات قد سبق ، وقوله : ( لقوم يعلمون ) أي لقوم يمكنهم النظر به والاستدلال حتى يتوصلوا به إلى تحصيل العلوم النظرية ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية